لا يجوز اتباع المتأولين فيما فعلوا

فصل: عصمة الأمة من الاجتماع على الضلالة، وليست هذه العصمة لآحادها

وهذا كالمتأولين من صالحي الكوفيين في النبيذ المُسْكِر وإن كان خمرًا، وكذلك المتأولين من صالحي أهل مكة في المتعة والصرف، وإن كان سبيلهما سبيل الزنا والربا، وهم من أبعد الناس عن ذلك، وكذلك المتأولون في حِلِّ ما حرَّمه الشارع من الأطعمة من أهل المدينة وغيرهم، وكذلك المتأولون في مسألة حشوش النساء، وكذلك المتأولون في القتال في الفتنة، إلى أمثال ذلك مما تأول فيه قوم من أهل العلم والدين، من مطعوم أو مشروب أو منكوح أو مسموع أو عقد ونحو ذلك، مما قد عُلِم أن الله ورسوله حرَّمه، لم يَجُز اتّباعُهم في ذلك، وإن كان مغفورًا لهم، أو من السعي الذي يُؤجَرون عليه لاجتهادهم أجرًا واحدًا، فالرب سبحانه يمحو السيئات بالحسنات، ويقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات.

فصل

وهاهنا أصل يجب اعتماده، وهو أن الله سبحانه عَصَم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة، ولم يَعْصِم آحادها من الخطأ لا صدِّيقًا ولا غيره، لكن إذا وقع في بعضها خطأ فلابدَّ أن يقيم الله فيها مَن يكون على الصواب، لأن هذه الأمة شهداء الله في الأرض، وهم شهداء على الناس يوم القيامة، وهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلابد أن تأمر بكل معروف وتنهى عن كل منكر، فإذا كان فيها مَن يأمر بمنكر متأولًا، فلابد أن يقيم الله فيها مَن يأمر بذلك المعروف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015