الاستدلال به على جواز السماع لا يصح

في بعضه أحيانًا للنفوس التي لا تصبر على الحق المحض، ويُرخَّص منه في القدر الذي يحتاج إليه، في الأوقات التي تتقاضى ذلك، كالأعياد والأعراس وقدوم الغائب، وتلك نفوس الصبيان والنساء والجواري الصغار، وهن اللاتي غنَّين في بيت عائشة، وضربن بالدف خلفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعند تلقِّيه فرحًا وسرورًا به.

فهذا كان فرح هؤلاء الضعفاء العقول الذين لا تحتمل عقولهم الصبرَ تحت محض الحق، فكان في إقرارهم بالترخيص لهم في هذا القدر مصلحةٌ لهم، وذريعةٌ إلى انبساط نفوسهم وفرحهم بالحق، فهو من نوع الترخيص في اللُّعَبِ للبنات، وما شاكل ذلك، وهذا من كمال شريعته ومعرفته بالنفوس وما تصلح عليه، وسوقها إلى دينه بكل طريق وفي كل وادٍ. ومن المعلوم أن النفوس الصغار والعقول الضعيفة إذا حُمِلت على محض الحق، وحُمِلَ عليها ثِقلُه، تفسَّخَتْ تحته واستعصَتْ ولم تَنقَدْ، فإذا أُعطِيَتْ شيئًا من الباطل ليكون لها عونًا على الحق ومنفذًا له، كان أسرعَ لقبولها وطاعتها وانقيادها.

فما لمشايخ الطريق والسالكين إلى الله، والآخذين أنفسهم بالجِدِّ المحض، والمعرضين عن حظوظهم، الذين لم يعبدوا الله شوقًا إلى جنته ولا خوفًا من ناره، إذْ ذلك عينُ حظهم وهو نقصٌ في طريقتهم، وهذا الباطل واللهو الذي هو حظ الأطفال والنساء والجواري؟! ولا ريبَ أن الرجال لم يكن ذلك فيهم، بل كان السلف يسمون الرجل المغنّي مخنَّثًا لتشبهه بالنساء، وقد رُوي: "اقرأوا القرآنَ بلحون العرب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015