قول أهل السماع: "إنه طاعة وقربة" لم يذهب إليه أحد من السلف

المنقول عن السلف أنه باطل وبدعة وفسق وينبت النفاق

إلا به، وعليهما بنى من فضَّله على سماع القرآن من عدة وجوه، لأنهم رأوا أنَّ ما يحصل به أنفعُ مما يحصل بالقرآن. وهاتان المقدمتان كلاهما (?) غلط، مشتمل على كلام مجمل، من جنس استدلالهم بما ظنوه من العموم في قوله سبحانه: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18]، وبما وعد الله في الآخرة من السماع الحسن.

ووُلدَ بين هاتين المقدمتين اللتين لُبِّسَ فيهما الحقُّ بالباطل أولادُ سفاحٍ لا نكاحٍ، وتولد منهما قول لم يذهب إليه أحد من السلف الصالح البتة، وهو أن هذا السماع طاعة وقربة تُقرِّب إلى الله، فإنه وإن نقل عن بعض أهل المدينة وغيرهم أنه يُرخِّص في الغناء واستماعه، فلم يقل: إنه طاعة وقربة ومستحب في الشرع، بل كان فاعله يراه مكروهًا وتركه أفضل، أو يراه من الذنوب التي يُتاب منها، أو يراه مباحًا كالتوسع في لذات المطاعم والمشارب والملابس والمساكن، فأما رجاء الثواب بفعله والتقرب إلى الله به، فهذا لا يُحفظ عن أحدٍ من سلف الأمة وأئمتها.

بل المحفوظ عنهم أنهم قالوا: إنما يفعل هذا الفسّاقُ كما قاله مالك، وأن ذلك من إحداث الزنادقة كما قاله الشافعي، وأنه من المحرمات كما قاله أبو حنيفة، وأنه من الباطل والبدع كما قاله الإمام أحمد. بل حُفظ عنهم أنه يُنبِت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. صح ذلك عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وقال الشافعي: الغناء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015