وجهه وبدنه، ورب البيت تبارك وتعالى هو قبلة قلبه وروحه، وعلى حسب إقبال العبد على الله في صلاته يكون إقبال الله عليه، وإذا أعرض أعرض الله عنه.
وللإقبالِ في الصلاة ثلاثُ منازلَ: إقبالٌ على قلبه، فيحفظه من الوساوس والخطراتِ المبطلةِ لثواب صلاته أو المُنقِصَة له، وإقبالٌ على الله بمراقبتِه حتى كأنه يراه، وإقبالٌ على معاني كلامه وتفاصيل عبوديةِ الصلاة ليُعطِيها حقَّها، فباستكمالِ (?) هذه المراتب الثلاث تكون إقامةُ الصلاة حقًّا، ويكون إقبالُ الله على عبده بحسب ذلك.
فإذا انتصب العبد قائمًا بين يديه فإقباله على قيوميته وعظمته، وإذا كبَّر فإقباله على كبريائه، فإذا سبَّحه وأثنى عليه فإقباله على سُبُحاتِ وجهه، وتنزيهِه عما لا يليق به، والثناءِ عليه بأوصاف جماله، فإذا استعاذ به فإقباله على ركنِه الشديد وانتصارِه لعبده ومَنْعِه له وحفظِه من عدوه، فإذا تلا كلامه فإقباله على معرفته من كلامه، حتى كأنه يراه ويشاهده في كلامه، فهو كما قال بعض السلف: "لقد تجلَّى الله لعباده في كلامه". فهو في هذه الحال مُقبِلٌ على ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه.
فإذا ركع فإقباله على عظمته وجلاله وعزِّه، ولهذا شرع له أن يقول: سبحان ربي العظيم. فإذا رفع رأسه من الركوع فإقباله على حمده والثناءِ عليه وتمجيدِه وعبوديته له وتفردِه بالعطاء والمنع. فإذا سجدَ