استولى على قلبه تعظيمُ الرب ازداد تصاغره هو عند نفسه، فالركوع للقلب بالذات والقصد، وللجوارح بالتبع والتكملة.
ثمّ شرع له أن يحمد ربه ويثني عليه بآلائه عند اعتداله وانتصابه، ورجوعه إلى أحسن هيأته منتصبَ القامة معتدلهَا، فيحمد ربه ويثني عليه بأن وفَّقه لذلك الخضوع، ثمّ نقله منه إلى مقام الاعتدال والاستواء بين يديه، واقفًا في خدمته، كما كان في حال القراءة من ذلك الاعتدال ذوق خاص وحال يحصل للقلب سوى ذوق الركوع وحاله، وهو ركن مقصود لذاته، كركن الركوع والسجود سواء، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُطيله كما يُطيل الركوع والسجود، ويكثر فيه من الثناء والحمد والتمجيد كما ذكرناه في هديه (?) - صلى الله عليه وسلم -، وكان في قيام الليل يُكثِر فيه من قول: "لربيّ الحمد، لربيّ الحمد" (?)، يكررها.
ثمّ شرع له أن يكبّر ويَخِرَّ ساجدًا، ويُعطي في سجوده كل عضو من أعضائه حظه من العبودية، فيضع ناصيته بالأرض بين يدي ربه مسندةً، راغمًا له أنفه خاضعًا له قلبه، ويضع أشرفَ ما فيه وهو وجهه بالأرض ولاسيما على التراب، مُعفِّرًا له بين يدي سيده، راغمًا له أنفه، خاضغا له قلبه وجوارحه، متذللًا لعظمته، خاضعًا لعزته، مستكينًا بين يديه، أذلَّ شيء وأكسرَه لربه تعالى، مسبِّحًا له بعلوِّه في أعظم سفوله، قد