قراءة القرآن في القيام

بما فيه سعادتها ونجاتها.

فإذا أخذ في قراءة القرآن فقد قام في مقام مخاطبة ربه ومناجاته، فليحذر كل الحذر من التعرض لمقته وسخطه أن يناجيه ويخاطبه وهو مُعرِض عنه، ملتفتٌ إلى غيره، فإنه يستدعي بذلك مقتَه، ويكون بمنزلة رجل قرَّبه ملِكٌ من ملوك الدنيا، فأقامه بين يديه، فجعل يخاطب الملك وقد ولَّاه قفاه أو التفت عنه بوجهه يَمنةً ويسرةً، فما الظن بمقت الملك لهذا؟ فما الظن بالملك الحق المبين الذي هو رب العالمين وقيوم السموات والأرض؟

وليقف عند كل آية من الفاتحة ينتظر جواب ربه له، وكأنه سمعه يقولى: حمدني عبدي حين يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وقف لحظةً ينتظر قوله: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، انتظر قوله: مجَّدني عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، انتظر قوله: هذا بيني وبين عبدي، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها، انتظر قوله: هؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل (?).

لكل آية من آيات الفاتحة عبودية وذوق ووجد يخصها

ومن ذاق طعمَ الصلاة علم أنه لا يقوم غير التكبير والفاتحة مقامهما، كما لا يقوم غير القيام والركوع والسجود مقامها فلكل عبودية من عبودية الصلاة سرٌّ وتأثير وعبوديةٌ لا تحصل من غيرها، ثم لكل آية من آيات الفاتحة عبودية وذوق ووَجْدٌ يخصها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015