لقائه، واستعداده لفهم مراده من كلامه، وتنزيله على حاله، وأخْذِه بحظه الوافر منه، قارئًا (?) مجيدًا حسنَ الصوت والأداء يقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)} [طه: 1 - 8].

وأمثالَ هذا النمط من القرآن الذي إذا صادف حياةً في قلب صادق قد شَمَّ رائحةَ المحبة وذاق حلاوتها، فقلبه لا يَشبَعُ من كلام محبوبه، ولا يَقَرُّ ولا يطمئنُّ إلا به = كان (?) موقعه من قلبه كموقع وصال الحبيب بعد طول الهجران، وحلَّ منه محلَّ الماء البارد في شدة الهجير من الظمآن، فما ظنك بأرضٍ حياتُها بالغيثِ، أصابها وابِلُه أحوجَ ما كانت إليه، فأنبتَ فيها من كل زوجٍ بهيجٍ قائمٍ على سُوقِه يشكره ويثني عليه.

فهل يستوي عند الله وملائكته ورسوله والصادقين من عباده سماعُ هذا وذوقُه وذوق صاحب سماع الغناء، من سماعٍ أهلُه عبيدُ نفوسٍ شهوانية، كان عقد مجلس اجتماعهم طلبًا للذة النفوس ونيلًا لحظِّها؟ فمن لم يُميِّز بين هذين السماعين والذوقين، فليسأل ربَّه بصدق رغبته إليه أن يُحيِيَ له قلبَه الميت، وأن يجعل له نورًا يمشي به في الناس، ويفرق به بين الحق والباطل، فإنه قريب مجيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015