محرمات الشريعة قسمان: قسم حرم لما فيه من المفسدة، وقيم حرم لأنه ذريعة إلى ما فيه مفسدة

وشهوة الجماع ولذته أقربُ نسبٍ، من جهة أنَّ الغناء لذة الروح، والجماع أكبر لذات النفس، فيجتمع داعي اللذتين على طبع مستعد ونفس فارغة، فيجد الداعي القوي محلًّا فارغًا لا مدافع له، فيتمكن منه، كما قيل (?):

أتاني هواها قبلَ أن أعرِفَ الهوى ... فصادفَ قلبًا فارغًا فتمكَّنا

ولما يئس الصياد من المتعبدين أن يسمع أحدهم شيئًا من الأصوات المحرمة كالعود والطنبور والشبابة، نظر إلى المعنى الحاصل بهذه الآلات، فأدرجه في ضمن الغناء، وأخرجه في قالبه، وحسَّنه لمن قلَّ فقهه ورقَّ علمه، وإنما مراده التدريج من شيء إلى شيء.

والعارف من نظر في الأسباب إلى غاياتها ونتائجها، وتأمل مقاصدها وما تؤول إليه، ومن عرف مقاصد الشرع في سَدِّ (?) الذرائع المفضية إلى الحرام قطع بتحريم هذا السماع، فإنَّ النظر إلى الأجنبية واستماع صوتها لغير حاجة حرامٌ سدًّا للذريعة، وكذلك الخلوة بها.

ومحرمات الشريعة قسمان: قسم حرم لما فيه من المفسدة، وقسم حرم لأنَّه ذريعة إلى ما اشتمل على المفسدة.

فمن نظر إلى صورة هذا المحرَّم ولم ينظر إلى ما هو وسيلة إليه استشكل وجهَ تحريمه، وقال: أي مفسدة في النظر إلى صورة جميلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015