الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه" (?) الحديث، فمنع من الإقدام على الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات، وذلك سدا للذريعة.
وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به البأس" (?).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ" قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ: "يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أَمَّهُ" (?)، فجعل التعرض لسب الآباء كسب الآباء.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" (?).
قلت-الإمام القرطبي-: فهذه هي الأدلة التي لنا على سد الذرائع، وعليه بنى المالكية كتاب الآجال وغيره من المسائل في البيوع وغيرها. وليس عند الشافعية كتاب الآجال. لأن ذلك عندهم عقود مختلفة مستقلة، قالوا: وأصل الأشياء على الظواهر لا على الظنون. والمالكية جعلوا السلعة محللة ليتوصل بها إلى دراهم بأكثر منها، وهذا هو الربا بعينه، فاعلمه (?).
الفوائد:
1 - أنه إذا ذكر باب ممنوع مسدود أمام الناس، فإن الحكمة تقتضي أن يذكر لهم ما يستغنون به عنه من الأشياء المباحة، لهذا قال: {وَقُولُوا انْظُرْنَا} فهو لم ينههم ويجعلهم عائمين لا يدرون ما يقولون، بل أرشدهم إلى القولة المباحة النافعة، وهي: {انظرنا}.
2 - تصدير الخطاب بالنداء للتنبيه والعناية والاهتمام.