قال الزجاج: " معناه: ويكفرون بما بعده، أي بما بعد الذي أنزل عليهم" (?).
قال القاسمي: " أي قالوا ما قالوا وهم يكفرون بما بعده" (?).
قال المراغي: " أي وهم يكفرون بما سوى التوراة وهو القرآن" (?).
وتفسير (وراءه)، في هذا الموضع (سوى)، كما يقال للرجل المتكلم بالحسن: (ما وراء هذا الكلام شيء)، يراد به: ليس عند المتكلم به شيء سوى ذلك الكلام، فكذلك معنى قوله: {ويكفرون بما وراءه}، أي بما سوى التوراة، وبما بعدها من كتب الله التي أنزلها إلى رسله (?).
قال ابن منظور: " الوراء جميعا يكون خلف وقدّام" (?)، ، وعند ابن دريد: الوراء: الخلف، والوراء: القدّام، وهو من الأضداد" (?)، وقال أبو سعيد الأصمعي: "ووراء خلف ووراء قدّام، قال جلّ ثناؤه: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79]، وكان وراءهم أي: قدّامهم، وقال الشاعر (?):
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي ... وقومي تميم والفلاة ورائيا
فقوله ورائيا، أي: قدّامي (?).
وقال الجوهري: " وراء بمعنى خلف، وقد تكون بمعنى قدام. وهي من الأضداد" (?)، قال الله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} أي أمامهم، وتصغيرها وريئه "بالهاء" وهي شاذة. وانتصب "وراءه" على الظرف. قال الأخفش: يقال لقيته من وراء، فترفعه على الغاية إذا كان غير مضاف تجعله اسما وهو غير متمكن، كقولك: من قبل ومن بعد، وأنشد (?):
إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن ... لقاؤك إلا من وراء وراء
قلت-الإمام القرطبي-: ومنه قول إبراهيم عليه السلام في حديث الشفاعة: " إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ" (?)، والوراء: ولد الولد أيضا (?).