وقيل: أن قوله تعالى: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة: 90]، يدل على أنه لا عذاب إلا للكافرين، ثم احتجوا بهذه الآية، فريقان (?):

أحدهما: الخوارج قالوا: ثبت بسائر الآيات أن الفاسق يعذب، وثبت بهذه الآية أنه لا يعذب إلا الكافر، فيلزم أن يقال الفاسق كافر.

وثانيها: المرجئة قالوا: ثبت بهذه الآية أنه لا يعذب إلا الكافر، وثبت أن الفاسق ليس بكافر، فوجب القطع بأنه لا يعذب.

قال الفخر الرازي: "وفساد هذين القولين لا يخفى" (?) (?).

ولا يخفى على كل ذي لبّ، بأن (الاختصاص) الذي يفهمه تقديم الخبر {لِلْكافِرِينَ}، بالنسبة إليه، فغير الكافرين إذا عذب فإنما يعذب للتطهير- لا للإهانة والإذلال- ولذا لم يوصف عذاب غيرهم به في القرآن، فلا تمسك للخوارج بأنه خص العذاب بـ {الكافرين}، فيكون الفاسق كافرا، لأنه معذب ولا للمرجئة أيضا. هذا ما أفاده الآلوسي-رحمه الله- (?).

الفوائد:

1. من فوائد الآية: أن كفر بني إسرائيل ما هو إلا بغي، وحسد؛ لقوله تعالى: {بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده}.

2.ومنها: أن من رد الحق من هذه الأمة لأن فلاناً الذي يرى أنه أقل منه هو الذي جاء به؛ فقد شابه اليهود

3. ومنها: أنه يجب على الإنسان أن يعرف الحق بالحق لا بالرجال؛ فما دام أن هذا الذي قيل حق فاتْبَعْه من أيٍّ كان مصدره؛ فاقبل الحق للحق؛ لا لأنه جاء به فلان، وفلان.

4. ومنها: أن العلم من أعظم فضل الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {أن ينَزِّل الله من فضله على من يشاء}؛ ولا شك أن العلم أفضل من المال؛ وإذا أردت أن تعرف الفرق بين فضل العلم، وفضل المال فانظر إلى العلماء في زمن الخلفاء السابقين؛ الخلفاء السابقون قَلّ ذكرهم؛ والعلماء في وقتهم بقي ذكرهم: هم يُدَرِّسون الناس وهم في قبورهم؛ وأولئك الخلفاء نُسوا؛ اللهم إلا من كان خليفة له مآثر موجودة، أو محمودة؛ فدل هذا على أن فضل العلم أعظم من فضل المال.

5. ومن فوائد الآية: إثبات مشيئة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {على من يشاء}؛ وهي عامة فيما يحبه الله، وما لا يحب؛ فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ وكل شيء عُلِّق بالمشيئة فهو مقرون بالحكمة؛ لقوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015