وقال المراغي: " أي وكانوا يستنصرون به على مشركى العرب وكفار مكة ويقولون إن كتابه سينصر التوحيد الذي جاء به موسى، ويخذل الوثنية التي تنتحلونها" (?).
قال الراغب: " الاستفتاح: طلب الفتح، والفتح ضربان، فتح إلاهي، وهو النصرة بالوصول إلى العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثواب والمقامات المحمودة، وفتح دنيوي، وهو النصرة في الوصول إلى اللذات البدنية وعلى الأول قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، وقوله {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ} وعلى الثاني قوله: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} " (?).
وذكر أهل التفسير في قوله تعالى: {يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 89]، ثلاثة أوجه (?):
أحدها: "معنى يستفتحون: أي يعلمون خبره من الناس مرّة، ويستنبطون ذكره من الكتب مرة" (?).
فـ"كانوا يخبرون بصحة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -" (?)، روي نحوه عن قتادة (?).
والثاني: أنهم: كانوا يقولون إنا ننصر بمحمد صلى الله عليه وسلّم على عبدة الأوثان. روي نحوه عن أبي العالية (?)، والسدي (?)، وعطاء (?)، وابن زيد (?)، ومجاهد (?)، وابن عباس (?).
والثالث: أنهم كانوا بطلبون من الله بذكره الظفر (?).
قال الراغب: " وكل ذلك داخل في عموم الاستفتاح" (?).
قلت: إن القول الثالث، لا تسنده روايات صحيحة، بل أكثرها ضعيفة، لم يعرِّج ابن كثير على شيء منها، وكذلك فعل الإمام الطبري. والله أعلم.
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89]، "أي فلما بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الذي عرفوه حق المعرفة، كفروا برسالته" (?).
قال سعيد بن جبير: "هم اليهود، عرفوا محمدا أنه نبي وكفروا به" (?).
قال ابن عباس: فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه" (?).
قال البغوي: "يعني محمدا صلى الله عليه وسلم من غير بني إسرائيل، وعرفوا نعته وصفته، كفروا به بغيا وحسدا " (?).
قال الزجاج: " أي ما كانوا يستنصرون وبصحته يخبرون، كفروا وهم يوقنون أنهم معْتَمِدُون للشقاق عداوة للَّهِ" (?).
قال الراغب: " فلما جاءهم كتاب لا منافاة بينه وبين التوراة في الأصول، وعرفوا عيانا ما كانوا عرفوه من قبل إخباراً كفروا به" (?).