قال الزمخشري: أي" فإيمانا قليلا يؤمنون" (?).
وقد اختلفوا في معنى قوله: {فَقَلِيلا مَّا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 88]، على ثلاثة أقوال (?):
الأول: معنها: فقليل من يؤمن منهم، وهذا قول قتادة (?)، لأن مَن آمن من أهل الشرك أكثر ممن آمن مِنْ أهل الكتاب، واختاره الامام الطبري (?) وفخر الدين الرازي (?).
والثاني: معناه فلا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم، ويكفرون بأكثره، قاله أبو عبيدة (?)، بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب، ولكنه إيمان لا ينفعهم، لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم.
والثالث: أن {ما}، تفيد النفي، والمعنى: "لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا، وهذا كقول الرّجل لآخر: ما قل ما تفعل وكذا يريد لا تفعله البتة" (?). قاله الواقدي، وأجازه المخشري (?)، واعترض عليه أبو حيان (?).
وقد روى الفراء عن الكسائي: "مررنا بأرض قلّ ما ينبت الكراث والبصل، يريدون لا ينبت شيئا" (?).
والمعنى إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء، وإنما قال: {فَقَلِيلا مَا يُؤْمِنُونَ} وهم بالجميع كافرون (?).
والراجح هو القول الأول، وذلك لعلتين (?):
أحدهما: لأنه نظير قوله: {بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} [النساء: 155].
والثاني: ولأن الجملة الأولى إذا كان المصرح فيها ذكر القوم فيجب أن يتناول الاستثناء بعض هؤلاء القوم. والله أعلم (?).
واختلف أهل العربية في معنى {ما} التي في قوله: {فَقَلِيلا مَّا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 88]، على ثلاثة أوجه (?):
الأول: أنها زائدة لا معنى لها، وهذا قول الأخفش (?)، والمعنى: فقليلا يؤمنون، كما قال جل ذكره: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159]، والمعنى: فبرحمة من الله لنت لهم، وأنشدوا بيت مهلهل (?):