والخزي: "الهوان والفضيحة، وقد أخزاه الله: أي: أهانه (?)، قال شمر (?): أخزاه الله: فضحه، وفي القرآن: {وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِي} [هود: 230] أي: لا تفضحوني (?)، قال أبو عبيد: "يُقال: خزِي يخزى خِزيًا: إذا هلك" (?).
وقال ابن السراج: "معنى أخزاه الله، أي: أوقفه موقفا يُسْتحيَا منه، مِن قولهم: خزي يخزَى خِزَايَةً: إذا استحيا" (?).
ثم اختلف في الخزي الذي أخزاهم الله بما سلف من معصيتهم إياه، على وجوه (?):
الأول: فقال بعضهم: ذلك هو حكم الله الذي أنزله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: من أخذ القاتل بمن قتل، والقود به قصاصا، والانتقام للمظلوم من الظالم (?).
والثاني: أن ذلك، هو أخذ الجزية منهم ما أقاموا على دينهم، ذلة لهم وصغارا (?).
والثالث: أنه كان خزي قريظة القتل والسّبي، وخزي بني النضير الجلاء والنفي عن منازلهم وجنانهم إلى أذرعات وريحا من الشّام، فكان ذلك خزيا في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم (?).
قوله تعالى: {وَيَوْمَ القيامة يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب} [البقرة: 85]، "أي وهم صائرون في الآخرة إِلى عذاب أشدّ منه" (?).
قال السعدي: "أي أعظمه" (?).
قال الثعلبي: " وهو عذاب النّار" (?).
و{َيَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي يوم البعث؛ وسمي بذلك؛ لأن الناس يقومون فيه من قبورهم لرب العالمين؛ ولأنه يقوم فيه الأشهاد؛ ولأنه يقام فيه العدل؛ و (يوم القيامة) ظرف متعلق بـ (يردون) أي يرجعون من ذلّ الدنيا، وخزيها؛ (إلى أشد العذاب) أي أعظمه؛ و (العذاب): العقوبة (?).
وفي قوله تعالى {أشد العذاب} ثلاثة أقوال (?):
أحدها: أنه عذاب لا رَوْح فيه (?) تتصل أجزاؤه، فلا يفتر أبدا عنهم.
والثاني: عذابٌ أشدّ من عذاب الدنيا، بتضعيف الألم فيه.
والثالث: أن {أشد العذاب}، الخلود في جهنم. قاله ابن عطية (?).
و(الردُّ): "الرجع. يقال: ردّه إلى كذا، ويقال للمُجبّر: ردّاد؛ لأنه يردّ العُضْو إلى ما كان. والرِّدّة: الرجوع عن الشيء، ومنه الردّة عن الإسلام" (?).