أما في الاصطلاح الشرعي، فإن الفداء لا يخرج عن معناه اللغوي، وعليه فيمكن القول: إن الفداء اصطلاحاً هو: " بذل المال ونحوه من سلاح وغيره مقابل افتكاك الأسير من قبضة عدوه" (?).

وأنشد الأصمعي للنابغة (?):

مهلا فداء لك الأقوام كلهم ... وما أثمر من مال ومن ولد

وقد اتفق الفقهاء على مشروعية مفاداة أسرى المسلمين بالمال؛ بل تجب المفاداة إذا تعينت وسيلة لذلك؛ لأنَّ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإن لم يفد الإمام والمسلمون أثموا جميعا، لأنها من فروض الكفاية التي تسقط بقيام البعض بها (?).

وقوله تعالى {تُفَادُوهُم} قرئ بوجهين (?):

الأول: قرأ المدنيان نافع وأبو جعفر، وعاصم والكسائي ويعقوب (تفادوهم) بضم التاء وألف بعد الفاء.

والثاني: قرأ الباقون {تَفْدُوهم}، بفتح التاء وسكون الفاء من غير ألف.

قوله تعالى: {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} [البقرة: 85]، "أي فكيف تستبيحون القتل والإِخراج من الديار، ولا تستبيحون ترك الأسرى في أيدي عدوهم؟ " (?).

أخرج ابن أبي حاتم: " عن ابن عباس: {وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم}، في كتابكم: إخراجهم" (?).

قال ابن عثيمين: أي: " "تفدون المأسورين وهو محرم عليكم إخراجهم من ديارهم" (?).

وقال قتادة: " والله إن فداءهم لإيمان، وإن إخراجهم لكفر" (?).

وقوله تعالى {هُوَ}، يحتمل وجهين من الإعراب (?):

الأول: مبتدأ وهو كناية عن الإخراج الذي تقدم ذكره، كأنه قال: وتخرجون فريقا منكم من ديارهم، وإخراجهم محرم عليكم. ثم كرر (الإخراج) الذي بعد {وهو محرم عليكم}، تكريرا على {هو}، لما حال بين (الإخراج) و (هو) كلام، ويقرأ {وهو} بسكون الهاء لثقل الضمة، كما قال الشاعر (?):

فهْو لا تنمي رميته ... ماله لا عد من نفره (?)

الثاني: أن يكون عمادا، لمّا كانت (الواو) التي مع {هو} تقتضي اسما يليها دون الفعل، فلما قدم الفعل قبل الاسم - الذي تقتضيه (الواو) أن يليها - أُولِيَتْ (هو)، لأنه اسم، كما تقول: أتيتك وهو قائم أبوك، بمعنى: وأبوك قائم، إذ كانت (الواو) تقتضي اسما، فعمدت بـ (هو)، إذ سبق الفعل الاسم ليصلح الكلام، كما قال الشاعر (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015