قال أبو حيان: " لما ذكر أهل النار، وما أعد لهم من الهلاك: أتبع ذلك بذكر أهل الإيمان، وما أعد لهم في الخلود في الجنان. وقلّ ما ذكر في القرآن آية في الوعيد، إلا وذكرت آية في الوعد. وفائدة ذلك ظهور عدله تعالى، واعتدال رجاء المؤمن وخوفه، وكمال رحمته بوعده وحكمته بوعيده" (?).

قوله تعالى: {والذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات} [البقرة: 82]، "أي وأما المؤمنون الذين جمعوا بين الإِيمان، والعمل الصالح" (?).

قال ابن عباس: " أي من آمن بما كفرتم وعمل ما تركتم من دينه" (?).

قال الطبري: أي: والذين "صدقوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وأطاعوا الله فأقاموا حدوده، وأدوا فرائضه، واجتنبوا محارمه" (?).

قال ابن عثيمين: " أي الذين صدقوا بما يجب الإيمان به مع القبول، والإذعان؛ فلا يكون الإيمان مجرد تصديق؛ بل لا بد من قبول للشيء، واعتراف به، ثم إذعان، وتسليم لما يقتضيه ذلك الإيمان، وعملوا الأعمال الصالحات؛ والعمل يصدق على القول، والفعل؛ وليس العمل مقابل القول؛ بل الذي يقابل القول: الفعل؛ وإلا فالقول، والفعل كلاهما عمل؛ لأن القول عمل اللسان، والفعل عمل الجوارح" (?).

قال السعدي: "ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله، متبعا بها سنة رسوله، فحاصل هاتين الآيتين، أن أهل النجاة والفوز، هم أهل الإيمان والعمل الصالح، والهالكون أهل النار المشركون بالله، الكافرون به" (?).

وأخرج الطبري عن ابن زيد، أنه: " {والذين آمنوا وعملوا الصلحات}، محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه" (?).

واختلف في قوله تعالى: {وَالَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 82]، على قولين (?):

أحدهما: أن المراد بـ {الذين آمنوا}، أمّة محمد صلى الله عليه وسلّم، ومؤمنوا الأمم قبله، قاله ابن عباس (?) وغيره.

والثاني: أنه خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلّم- وأمّته. قاله ابن زيد (?).

قوله تعالى: {أولئك أَصْحَابُ الجنة} [البقرة: 82]، "أي أهلها الملازمون لها" (?).

قال ابن عثيمين: "لأن الصحبة ملازمة" (?).

و{الجنة}: الدار التي أعدها الله تعالى للمتقين؛ وفيها كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (?)، كقوله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون} [السجدة: 17] " (?).

قوله تعالى: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 82]، "أي مخلدون في الجنان لا يخرجون منها أبداً" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015