والخامس: أن الخطيئة: الكبيرة الموجبة. قاله أبو العالية (?)، ومجاهد (?)، والحسن (?)، وقتادة (?)، والربيع بن أنس (?).
السادس: وقال الكلبي: أوبقته ذنوبه، ودليله قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ} [يوسف: 66]، أي تهلكوا جميعا (?).
وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى، والله أعلم. ويذكر هاهنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عمرو بن قتادة عن عبد ربه، عن أبي عياض، عن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إيَّاكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه". وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهُنَّ مثلا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادًا، وأججوا نارًا، فأنضجوا ما قذفوا فيها (?) (?).
وذكر الواحدي في تفسير قوله تعالى: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُه} [البقرة: 81]، ثلاثة أوجه (?):
الأول: أحاطت بحسنته خطيئته، أي: أحبطتها من حيثُ كان المحِيط أكبر مِنَ المحاط به، فيكون كقوله: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [العنكبوت: 54]، وقوله: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29].
والثاني: أهلكته، من ذلك قوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: 66]، وقوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: 22]، وقوله: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42] وهذا كله في معنى البوار.
والثالث: العلم، ومن ذلك قوله: {وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا} [الكهف: 91]. وقال: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20]، أي: عالم.
وقرأ أهل المدينة {خطيّاته}، بالجمع، وقرأ الباقون {خَطِيئَتُهُ}، على الواحدة، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم (?).
قال أبو السعود: وفي القراءة بصيغة الجمع، "إيذانٌ بكثرة فنون كفرهم" (?).
قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81]، " أي فالنار ملازمة لهم لا يخرجون منها أبداً" (?).
قال ابن عباس: " أي خالدون أبدا" (?).
وقال السدي: " لا يخرجون منها أبدا" (?).
قال البيضاوي: " ملازموها في الآخرة كما أنهم ملازمون أسبابها في الدنيا" (?).