قال ابن عباس: " أي: من عمل مثل أعمالكم، وكفر بمثل ما كفرتم به" (?).
قال الثعلبي: "يعني الشرك" (?).
قال أبو السعود: " والكسبُ استجلابُ النفعِ وتعليقُه بالسيئة على طريقة {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم} [آل عمران: 21، التوبة: 34، الانشقاق: 24] " (?).
واختلف في تفسير {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} [البقرة: 81]، على وجهين (?):
أحدهما: أنها الشرك، وهذا قول ابن عباس (?)، وروي عن أبي وائل (?)، وأبي العالية (?)، ومجاهد (?)، وعكرمة (?)، وعطاء (?)، والحسن (?) في أحد قوليه، وقتادة (?)، والربيع بن أنس (?)، مثل ذلك.
قال الواحدي: " وإجماع أهل التفسير: أن السيئةَ هاهُنا الشرك، وأنّ الآية وردت في اليهود" (?).
قلت: والصحيح: أن هذا قول أكثر السلف (?)، ولعل الذي دفع الواحدي لحكاية الإجماع، الرد على من حمل الآية على عصاة المؤمنين، كالمعتزلة والخوارج. والله أعلم.
والثاني: أن (السيئة) كبائر الذنوب التي وعد الله تعالى عليها النار، وأن (الخطيئة) هي الكفر، وهذا قول السدي (?) والحسن (?)، وقواه ابن عطية: فقال: "ولفظ الإحاطة تقوي هذا القول" (?).
والراجح هو أن (السيئة) التي ذكر الله في هذا المكان، فإنها الشرك بالله، وهو اختيار الإمام الطبري إذ تعضده مجموعة من الروايات حسنة الإسناد (?).
وأصحاب القولين على أن الآية إنما هي في الكفار لا في العصاة؛ لأن الله توعد أهل هذه الآية بالخلود في النار، وهذا إنما يكون في حق الكفار فقط، قال الواحدي: " والمؤمنون لا يدخلون في حكم هذه الآية، لأن الله تعالى أوعد بالخلود في النار من أحاطت به خطيئته، وتقدمت منه سيئة هي الشرك، والمؤمن ومن عمل الكبائر فلم يوجد منه شرك" (?).
قال القاسمي: " ذهب أهل السنة والجماعة إلى أنّ الخلود في النار إنما هو للكفار والمشركين لما ثبت في السنة، تواترا، من خروج عصاة الموحدين من النار، فيتعين تفسير السيئة والخطيئة، في هذه الآية، بالكفر والشرك. ويؤيد ذلك كونها نازلة في اليهود" (?).