والصواب في ذلك من القراءة: {إن البقر تَشَابَهَ علينا}، بتخفيف (شين): تشابه، ونصب (هائه)، بمعنى: تفاعل، لإجماع الحجة من القراء على تصويب ذلك، ودفعهم ما سواه من القراءات، ولا يعترض على الحجة بقول من يَجُوز عليه فيما نقل السهو والغفلة والخطأ (?).
قوله تعالى: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70]، "أي سنتهدي إِلى معرفتها إِن شاء الله" (?).
قال الثعلبي: " إلى وصفها" (?).
قال البيضاوي: "أي: إلى المراد ذبحها، أو إلى القاتل" (?).
قال بعض السلف: "لو لم يقولوا: {إن شاء الله} لم يهتدوا إليها أبداً" (?)، وهذا فيما إذا كان قصدهم تفويض الأمر إلى الله عزّ وجلّ؛ ويحتمل أن يكون قصدهم أنهم لو لم يهتدوا لاحتجوا بالمشيئة، وقالوا: "إن الله لم يشأ أن نهتدي"! وما هذا الاحتمال ببعيد عليهم" (?).
الفوائد:
1. من فوئاد الآية: أن بني إسرائيل أرادوا أن يتقهقروا عن تنفيذ أمر الله عزّ وجلّ بقولهم: {ادع لنا ربك يبين لنا ما هي} مرة أخرى.
2 - ومنها: أهمية الاستثناء في تيسير الأمور وحصول مراد العبد، لذلك قيل "أنهم لما قرنوا بالمراجعة الأخيرة قولهما: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} وفقهم الله لمعرفة ما سالوا عنه ولترك التعنت" (?).
القرآن
{قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71)} [البقرة: 71]
التفسير:
قال لهم موسى: إن الله يقول: إنها بقرة غير مذللة للعمل في حراثة الأرض للزراعة، وغير معدة للسقي من الساقية، وخالية من العيوب جميعها، وليس فيها علامة من لون غير لون جلدها. قالوا: الآن جئت بحقيقة وصف البقرة، فاضطروا إلى ذبحها بعد طول المراوغة، وقد قاربوا ألا يفعلوا ذلك لعنادهم. وهكذا شددوا فشدَّد الله عليهم.
قوله تعالى: {قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ} [البقرة: 71]، "أي: إنها ليست مذللة بالحراثة" (?).
قال أبو السعود: " أي لم تُذلَّلْ للكِراب وسقى الحرث" (?).
قال الصابوني: "أي: ليست هذه البقرة مسخرة لحراثة الأرض" (?).