والرابع: أنهم نُسِبُوا إلى «يهوذا» بالذال المعجمة، وهو أكبر ولد يعقوب-عليه الصلاة والسلام-، فغيرته العرب بالدال المهملة، جريا على عادتها في التلاعب بالأسماء الأعجمية، فعرب ونسب الواحد إليه، فقيل يهودي، ثم حذف الياء في الجمع، فقيل يهود.
والخامس: أنها مشتقة من: هاد، يهود؛ فالهود: الميل والرجوع؛ لأن اليهود كانوا كلما جاءهم نبي أو رسول هادوا إلى ملكهم ودلوه عليه ليقتلوه.
والسادس: أنه من «التهويد»، وهو النطق في سكون ووقار ولين، وسموا بذلك لأنهم يتهودون عند قراءة التوراة. حكاه ابن عطية عن الزهراوي (?)، وأنشد قول الراعي النميري (?):
وخودٌ من اللائي تَسَمَّعْنَ بالضُّحَى ... قريضَ الرُّدَافَى بالغِنَاءِ المُهَوَّدِ
والسابع: أنه من الهوادة، وهي الخضوع، فـ {هدنا إليك}، أي: خضعنا إليك.
والثامن: أن أصلها من: «هاد يهيد»، أي: تحرك، ومنه سمي اليهود؛ لتحركهم في دراستهم، قاله أبو عمرو بن العلاء (?).
وفي أصل الألف في كلمة: «هادوا»، وجهان (?):
أحدهما: أنه من «واو»، والأصل: «هاد يهود» أي: تاب.
الثاني: أنها من «ياء»، والأصل: «هاد يهيد»، أي: تحرك.
وقد ورد بأن اليهود يرجعون إلى بقايا جماعة «يهوذا» الذين سباهم نبوخذ نصّر إلى بابل في القرن السادس (ق. م)، وهؤلاء سموا كذلك نسبة إلى مملكة ومنطقة يهوذا (139 - 685 ق. م)، ولم تستعمل هذه التسمية إلا في عهد مملكة يهوذا، لذلك فهي تسمية متأخرة ولا صلة لها بيهوذا ويعقوب، اللذين عاشا في القرن السابع عشر قبل الميلاد، ولعل -يهوذا- كانت اسم مدينة في فلسطين منذ عهد الكنعانيين، فبعد أن نزحت جماعة موسى عليه السلام إلى فلسطين تكونت مملكة يهوذا بعد عصر يعقوب وابنه -يهوذا- بحوالي ألف عام في منطقة يهوذا الكنعانية، فسميت باسمها، ثم انتشر استعمال اسم اليهود بعد السبي البابلي منذ القرن السادس للميلاد (?).
وقد ذكروا في القرآن بعبارات عدة، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62]، وقوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 135]، والآيات في ذكرهم باسم اليهود كثيرة، وذكر شيخ الاسلام: " أن هؤلاء المذكورين في الآية، الذين أثنى الله عليهم من الذين هادوا والنصارى كانوا مسلمين مؤمنين لم يبدلوا ما أنزل الله ولا كفروا بشيء مما أنزل الله؛ فاليهود والنصارى صاروا كفاراً من جهة تبديلهم لما أنزل الله، ومن جهة كفرهم بما أنزل على محمد" (?).
ولهذا فإن لفظ «اليهود»: هو اسم خاص بالمنحرفين من بني إسرائيل .. وهو لفظ أعم من لفظة "عبرانيين" (?) و"بني إسرائيل" (?) وذلك لأن لفظة يهود تطلق على العبرانيين وعلى غيرهم ممن دخل في دين