قال الطبري: أي: "وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وباؤوا بغضب من الله. ففعلت بهم ما فعلت من ذلك" (?).
قوله تعالى: {بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61]، أي: " بسبب ارتكابهم أنواع المعاصي واعتدائهم حدود اللَّه" (?).
قال الطبري: أي" من أجل عصيانهم ربهم، واعتدائهم حدوده" (?).
واختلف في الإشارة بـ {ذلك} في قوله تعالى {ذلِكَ بِما عَصَوْا} [البقرة: 61]، على ثلاثة أقوال:
الأول: أن الإشارة بـ {ذلك} الأخير، إلى الشيء الذي أشير إليه بـ {ذلك} الأول، قاله الطبري (?) والزجّاج (?) وغيرهما.
والثاني: إن الإشارة بـ {ذلِكَ} الأخير، إنما هي إلى "كفرهم وقتلهم". وهذا مذهب ابن عطية (?).
إذ يقول: "وذلك أن الله تعالى، استدرجهم فعاقبهم على العصيان والاعتداء بالمصير إلى الكفر وقتل الأنبياء، وهو الذي يقول أهل العلم: إن الله تعالى يعاقب على المعصية بالإيقاع في معصية، ويجازي على الطاعة بالتوفيق إلى طاعة، وذلك موجود في الناس إذا تؤمل، وعصيان بني إسرائيل واعتداؤهم في السبت وغيره متقرر في غير ما موضع من كتاب الله، وقال قتادة رحمه الله عند ما فسر هذه الآية: "اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بها أهلك من كان قبلكم من الناس" (?) " (?).
والثالث: أن المشار إليه، يشمل كل ما سبق. قاله ابن عثيمين (?).
والظاهر أن المشار إليه كل في قوله تعالى {ذلِكَ} الأخير، أنه يشمل كل ما سبق، ومن ضمنه سؤالهم الذي هو أدنى عن الذي هو خير" (?). والله تعالى أعلم.
ويحتمل قوله تعالى: {وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61]، وجهان (?):
الأول: أن الاعتداء عام، والمراد: اعتدائهم في كل شيء.
والثاني: أن الإعتداء خاص، والمراد: اعتداؤهم في السبت.
قال الزجاج: " الاعتداءُ المجاوزةْ في كل شيءٍ، مجاوزة القدر" (?)، " وكل متجاوز حد شيء إلى غيره فقد تعداه إلى ما جاوز إليه" (?).
الفوائد:
1 من فوائد الآية: لؤم بني إسرائيل، وسفههم؛ حيث إنهم طلبوا أن يغير لهم الله هذا الرزق الذي لا يوجد له نظير بقولهم: {لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يُخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثَّائها وفومها وعدسها وبصلها}.
2 ومنها: غطرسة بني إسرائيل، وجفاؤهم؛ لقولهم: {ادع لنا ربك}؛ ولم يقولوا: "ادع لن ربنا"، أو: "ادع لنا الله"؛ كأن عندهم. والعياذ بالله. أنفة؛ مع أنهم كانوا مؤمنين بموسى ومع ذلك يقولون: {ادع لنا ربك}. كما قالوا: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} [المائدة: 24].