وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع من أقسام النظر، وهو أن معنى قوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]، أنها رائية ترى ربها عز وجل (?).

- قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 26]، والحسنى المراد بها الجنة، والزيادة النظر وإلى وجه الله الكريم كما جاء تفسير ذلك في الحديث الصحيح عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)، قَالَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ: وَمَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا، وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ " قَالَ: " فَيُكْشَفُ لَهُمُ الْحِجَابُ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ" قَالَ: "فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ " (?).

وقد أورد أبو عبد الله القرطبي في الزيادة أقوالا، إليك ذكرها:

1_ أن الزيادة أن تضاعف الحسنات الحسنة بعشر أمثالها إلى أكثر من ذلك

روى ذلك عن ابن عباس.

2_ وعن علي رضي الله عنه الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة آلاف

باب.

3_ وقال مجاهد: الحسنى حسنة مثل حسنة والزيادة مغفرة من الله ورضوان.

4_ وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الحسنى الجنة والزيادة ما أعطاهم الله

في الدنيا من فضله لايحاسبهم به يوم القيامة.

5_ وقال يزيد بن شجرة. الزيادة أن تمر السحاب بأهل الجنة فتمطرهم

من كل النوادر التي لم يروها وتقول يا أهل الجنة ما تريدون أن أمطركم

فلا يريدون شيئا إلا مطرتهم (?).

- قول الله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35]، المؤمنون لهم ما يشاءون فيها أي: الجنة ولدينا مزيد هي رؤية الله في الآخرة، فسرها العلماء بأن المزيد هو رؤية الله في الآخرة.

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} قَالَ: "يَظْهَرُ لَهُمُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (?).

قال العلامة الشنقيطى: قال بعض العلماء: المزيد النظر إلى وجه الله الكريم، ويستأنس لذلك بقوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، لأن الحسنى الجنة، والزيادة النظر (?).

- قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143].

وقد تقدم الكلام على وجه الدلالة فى هذه الآية فى الرد على المعتزلة من كلام الإمام ابن أبى العز الحنفى.

- قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} [المطففين: 15 - 16]، فلو كان المؤمنون كلهم والكافرون كلهم لا يرونه، كانوا جميعاً عنه محجوبين.

قال الإمام أحمد رحمه الله: فإذا كان الكافر يحجب عن الله، والمؤمن يحجب عن الله، فما فضل المؤمن على الكافر؟ (?) وقيل لسفيان بن عيينة: إن بشرا يقول: إن الله لا يرى يوم القيمة، فقال: قاتله الله، دويبة، ألم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015