6 - أن لله تبارك وتعالى أن يعذب ويرحم، وإن شئت فقل: أن يعذب ويغفر؛ لتطابق الآية، ولكن هل هذا على ظاهره أو نقول: أن يُعذِّب من يستحق التعذيب؟ لأن الله تعالى لا يُعَذِّب أحدًا لا يستحق التعذيب كما قال عز وجل: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112].
7 - ومن فوائد الآية الكريمة: حكمة الله عز وجل في جَعْل الخلق ينقسمون إلى قسمين: معذب، ومغفور له، كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن 2]، ولولا هذا الانقسام ما ظهر فضل الإيمان، ولا شُرِعَ الجهاد ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا أرسلت الرسل، لكن حكمة الله اقتضت أن يكون الناس قسمين.
8 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات المغفرة -أي مغفرة الله عز وجل- لمن شاء من عباده؛ لقوله: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ}، وقد مر عليكم معنى المغفرة وهي: ستر الذنب والتجاوز عنه، نأخذ هذا من اشتقاق هذه الكلمة؛ فإنها مشتقة من المِغْفَر وهو الذي يُتَّقَى به السهام، يجعل على الرأس، فهو ساتر وواقٍ.
9 - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات هذين الاسمين الكريمين: العزيز والحكيم، وإثبات ما تضمناه من صفة، وهي العزة والحكم والحكمة.
فـ «العزيز»: هو المنيع الذي لا يغلب. والعز في كلام العرب على ثلاثة أوجه.
أحدها: بمعنى الغلبة، ومنه قولهم: من عز بز، أي: من غلب سلب، يقال منه: عز يعز -بضم العين- من يعز. ومنه قول الله سبحانه: {وعزني في الخطاب} [ص: 23].
والثاني: بمعنى الشدة والقوة. يقال منه: عز يعز -بفتح العين- من "يعز"، كقول الهذلي -يصف العقاب- (?):