قال السدي: " يقول: إن تعذبهم تميتهم بنصرانيتهم فيحق عليهم العذاب فإنهم عبادك" (?).
قال الطبري: " إنْ تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، بإماتتك إياهم عليها {فإنهم عبادك}، مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردت بهم، ولا يدفعون عن أنفسهم ضرًّا ولا أمرًا تنالهم به" (?).
قال ابن كثير: " ومعنى قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} الآية: التبري منهم ورد المشيئة فيهم إلى الله، وتعليق ذلك على الشرط لا يقتضي وقوعه، كما في نظائر ذلك من الآيات" (?).
وقوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118]، يحتمل وجهين (?):
أحدهما: أنه قاله على وجه الاستعطاف لهم والرأفة بهم كما يستعطف العبد سيده.
والثاني: أنه قاله على وجه التسليم لأمر ربه والاستجارة من عذابه.
قوله تعالى: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، أي: " وإن تغفر برحمتك لمن أتى منهم بأسباب المغفرة، فإنك أنت العزيز الذي لا يغالَبُ، الحكيم في تدبيره وأمره" (?).
قال السدي: " {وإن تغفر لهم}، فتخرجهم من النصرانية، وتهديهم إلى الإسلام فإنك أنت العزيز الحكيم. هذا قول عيسى عليه السلام في الدنيا" (?).
قال الطبري: أي: " بهدايتك إياهم إلى التوبة منها، فتستر عليهم {فإنك أنت العزيز} في انتقامه ممن أراد الانتقام منه، لا يقدر أحدٌ يدفعه عنه، {الحكيم}، في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة، وتوفيقه من وفَّق منهم لسبيل النجاة من العقاب " (?).