3 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات أن العذاب له أعلى وله أدنى؛ لقوله: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}، فهذا دليل على أن العذاب يتفاوت من شخص لآخر، وتفاوت العذاب أسبابه كثيرة؛ منها: قلة الداعي إلى الذنب، فإن قلة الداعي إلى الذنب توجب شدة العقوبة عليه، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وهم «أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهَ بِضَاعَتَهُ؛ لَا يَبِيعُ إِلَّا بِيَمِينِهِ وَلَا يَشْتَرِي إِلَّا بِيَمِينِهِ» (?).
الشاهد الأول والثاني: أشيمط وزانٍ، يعني رجلًا شمطه الشيب، وهذا يدل على ضعف قوته في طلب النكاح. وصغّره بقوله «أُشَيْمِطٌ» تحقيرًا له، إذن زنا الشيخ أعظم عقوبة من زنا الشاب؛ لأن الداعي في الشيخ أقل.
«عَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ»، عائل يعني: فقير، مستكبر، الفقير يجب أن يعرف نفسه وقدره فكيف يستكبر، الاستكبار من الغني أهون بلا شك ومتوقَّع؛ كما قال عز وجل: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق 6، 7] أي استغنى عن غيره، وهذا عائل فيستكبر! فلذلك اشتدت عقوبته، فكلما قوي السبب في طلب المعصية صارت العقوبة عليها أهون، وكلما ضعف الطلب صارت العقوبة عليها أشد، هنا بين الله عز وجل أنه لا يعذبه أحدا من العالمين.
4 - من فوائد هذه الآية الكريمة: أن كفر من رأوا الآيات ليس ككفر من لم يروها، لأن من رأى الآيات فقد رآها علم اليقين، بل عين اليقين، ومن نقلت إليه فقد علمها علم اليقين، أي: بواسطة.
القرآن