قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ} [المائدة: 110]، أي: " إذ قال الله يوم القيامة: يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك إذ خلقتك من غير أب، وعلى والدتك حيث اصطفيتها على نساء العالمين، وبرأتها مما نُسِب إليها" (?).
قال السمعاني: " أمره بشكر النعمة" (?).
قال ابن كثير: " أي: في خلقي إياك من أم بلا ذكر، وجعلي إياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتي على الأشياء {وَعَلى وَالِدَتِكَ} حيث جَعلتُكَ لها برهانًا على براءتها مما نسبه الظالمون الجاهلون إليها من الفاحشة" (?).
وإنما ذكَّر الله عيسى عليه السلام نعمته عليه على والدته، وإن كان لهما ذاكراً لأمرين (?):
أحدهما: ليتلو على الأمم ما خصه به من الكرامة ومَيّزَه به من علو المنزلة.
والثاني: ليؤكد به حجته ويرد به جاحده.
قال الزمخشري: " وقيل: لما قال الله تعالى لعيسى: {اذكر نعمتي عليك}، كان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يدخر شيئا لغد يقول: مع كل يوم رزقه، لم يكن له بيت فيخرب، ولا ولد فيموت، أينما أمسى بات" (?).
قوله تعالى: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [المائدة: 110]، أي: " أي حين قوّيتك بالروح الطاهرة المقدسة «جبريل» عليه السلام" (?).
قال القرطبي: " {إذ أيدتك}، يعني: قويتك، مأخوذ من الأيد وهو القوة" (?).
قال البغوي: يعني: قويتك، بجبريل -عليه السلام- فمكث في رسالته ثلاثين شهرا ثم رفعه الله إليه" (?).