ونرفع من صدور شمردلات ... يصُك وجوهها وهج أليم (?)
كما قال تعالى وصف عذاب المنافقين: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 138]، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145]، قال هنا في المنافقين (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، بينما قال في الكفار كما تقدم {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7]، وذلك لأن الأليم هو البالغ في الإيلام الغاية العظمى.
قوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10]، أي: "بسبب كذبهم في دعوى الإيمان، واستهزائهم بآيات الرحمن" (?).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده "عن ابن عباس، في قوله: {بما كانوا يكذبون، يقول: يبدلون ويحرفون" (?).
قال الثعلبي: " أي بتكذيبهم على الله ورسوله في السرّ" (?).
وحقيقة الكذب: "الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وقد يستعار لفظ الكذب فيما ليس بكذب في الحقيقة" (?)، كقول الأخطل (?):
ذَبتكَ عينُك أَمْ رَأَيتَ بواسطٍ
كأنها لما أوهمته خلاف الحقيقة كانت بمنزلة ما كذبته (?).
والكذب من أقبح الخصال؛ وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكذب من خصال المنافقين، فقال صلى الله عليه وسلم "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب .. " (?) الحديث.
ومرض القلب نوعان (?):
1 - مرض شبهة وشك (?)، ومرض شهوة وغي، وكلاهما في القرآن، قال تعالى في مرض الشبهة {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر: 31]، وقوله تعالى في حق من دعي