وإن الله عز ذكره، إنما دلّ بتحريمه حرمة القلادة، على ما ذكرنا من حرمة المقلَّد، فاجتزأ بذكره «القلائد» من ذكر «المقلد»، إذ كان مفهومًا عند المخاطبين بذلك معنى ما أريد به.
وقد ذكر بعض الشعراء في شعره ما ذكرنا عمن تأوَّل " القلائد " أنها قلائد لحاء شجر الحرم الذي كان أهل الجاهلية يتقلَّدونه، فقال وهو يعيب رجلين قتلا رجلين كانا تقلَّدا ذلك (?):
أَلَمْ تَقْتُلا الْحِرْجَيْنِ إذْ أَعْوَراكُمَا (?) ... يُمِرَّانِ بِالأيْدِي اللِّحَاءَ الْمُضَفَّرَا
و«الحرجان»، المقتولان كذلك. ومعنى قوله: «أعوراكما»، أمكناكما من عورتهما" (?).
قوله تعالى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2]، أي: " ولا تَسْتَحِلُّوا قتال قاصدي البيت الحرام" (?).
قال ابن عباس: " يقول: من توجَّه حاجًّا" (?).
قال الضحاك: " يعني: الحاج" (?).
قال مطرِّف بن الشخّير: " الذين يريدون البيت" (?).
قال ابن جريج: ": ينهى عن الحجاج أن تُقطع سبلهم" (?).
قال الطبري: أي: " ولا تحلُّوا قاصدي البيت الحرام العامدية" (?).
قال ابن كثير: " أي: ولا تستحلوا قتال القاصدين إلى بيت الله الحرام، الذي من دخله كان آمنا" (?).
قال الزمخشري: "آموا المسجد الحرام: قاصدوه، وهم الحجاج والعمار" (?).
يقال: أممت كذا، إذا قصدته وعمدته، وبعضهم يقول: يَمَمْته، كما قال الشاعر (?):
إنِّي كَذَاكَ إذَا مَا سَاءَنِي بَلَدٌ ... يَمَمْتُ صَدْرَ بَعِيرِي غَيْرَهُ بَلَدَا
و{البيت الحرام}، بيت الله الذي بمكة (?).