والثاني: أنهم قالوا: إن كان هذا عيسى، فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا، فأين عيسى؟ يعنون الذي دخل في طلبه، هذا قول السدي (?)، والكلبي (?).
والثالث: أن ختلافهم فيه: فاليهود قالت: نحن قتلناه وصلبناه. وقالت طائفة من النصارى: بل نحن قتلناه، وقالت طائفة منهم: ما قتلوه هؤلاء ولا هؤلاء بل رفعه الله إليه [ونحن ننظر إليه] وقال الذين لما قتل ططيانوس: ألم تروا إنه قتل وصلب فهذا اختلافهم وشكهم. وهذا قول الكلبي أيضا (?).
والثاني: أن «الهاء» كناية عن عيسى، واختلافهم فيه قول بعضهم: هو ولد زنى، وقول بعضهم، هو ساحر.
والقول الثاني: أن المختلفين النصارى، فعلى هذا في هاء «فيه» قولان (?):
أحدهما: أنها ترجع إلى قتله، هل قتل أم لا؟
والثاني: أنها ترجع إليه، هل هو إله أم لا؟
وفي الهاء في قوله تعالى: {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} [النساء: 157]، قولان (?):
أحدهما: أنها ترجع إلى قتله.
والثاني: إلى نفسه، هل هو إله، أم لغير رشدة (?)، أم هو ساحر؟
قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]، أي: " لا عِلْمَ لديهم إلا اتباع الظن" (?).
قال الحسن: " ما استيقنته أنفسهم، ولكن ظنا منهم" (?).
قال محمد بن إسحاق: " أي: ما استيقنوا بقتله إلا اتباع الظن" (?).
قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157]، أي: " وما قتلوه متيقنين أنه هو، بل شاكين متوهمين" (?).
قال ابن عباس: " يعني: لم يقتلوا ظنهم يقينا" (?).
قال محمد بن إسحاق: " وما قتلوه يقينا عندهم علمهم" (?).
قال الطبري: " يقول: وما قتلوا - هذا الذي اتبعوه في المقتول الذي قتلوه وهم يحسبونه عيسى - يقينًا أنه عيسى ولا أنه غيره، ولكنهم كانوا منه على ظنّ وشبهةٍ" (?).
وفي قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157]، أربعة وجوه:
أحدها: ما قتلوا ظنهم يقينا، ً كقول القائل: ما قتلته علماً، وهذا قول ابن عباس (?)، وجويبر (?).
والثاني: ما قتلوا العلم به يقينا، تقول: قتلته يقينا، وقتلته علما للرأي والحديث. هذا قول الفراء (?)، وابن قتيبة (?).
قال ابن قتيبة: "يعني: العلم، لم يتحقّقوه ويستيقنوه، وأصل ذلك أن القتل للشيء يكون عن قهر واستعلاء وغلبة. يقول: فلم يكن علمهم بقتل المسيح علما أحيط به، إنما كان ظنّا، قوله سبحانه: وَعَلَى الَّذِينَ