التنويه بهذا الكمال يستوجب حمد الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} [الكهف: 1].
قال ابن الأثير: "الريب هو بمعنى الشك .. يقال: رابني الشىء وأرابني، بمعنى: شككنى، وقيل: أرابني في كذا، أي: شككنى وأوهمني الريبة فيه، ومنه الحديث: "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ" (?)، أَي دع ما تشك فيه إلى ما لا تشك فيه" (?)، ومنه " ومنه: ريب الزمان، وهو ما يقلق النفوس ويشخص بالقلوب من نوائبه" (?).
وتجدر الإشارة بأن شيخ الاسلام ابن تيمية قد فرّق بين الشك والريب، بأن الريب يكون في علم القلب، وفي عمل القلب، بخلاف الشك، لايكون إلا في العلم (?).
والثاني: أن (الريب): التهمة، ومنه قول جميل (?):
بُثَيْنَةُ قالتْ: يا جَمِيلُ أَرَبْتَنِيُ ... فَقُلْتُ: كِلانَا يَا بُثَيْنَ مُرِيب
والثالث: أن (الريب): هو الحاجة، قال ابن فارس: "يقال: إن الريب الحاجة. وهذا ليس ببعيد؛ لأن طالب الحاجة شاك، على ما به من خوف الفوت" (?)، ومنه قول كعب بن مالك (?):
قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وخيبَر ثمَّ أَجْمَمْنَا السّيُوفا
أي: انتهينا من الحاجات بالسيوف، ففتحنا نجد بالإسلام وفتحنا تهامة (?).
واختلف أهل العلم في الفرق بين (راب) و (أراب)، على قولين:
أحدهما: أن الكلمتين مختلفتين في المعنى، قال: سيبويه: " (أراب) الرجل أي: صار صاحب ريبة. كما قالوا: ألام، أي: استحق أن يلام، وأما (رابني) فمعناه: جعل في ريبة، كما تقول: قطعت النخل، أي: أوصلت إليه القطع، واستعملته فيه" (?).
وقال أبو زيد (?): "قد رابني من فلان أمر رأيته منه رَيْبًا، إذا كنت مستيقنا منه بالريبة، فإذا أسأت به الظن ولم تستيقن بالريبة منه قلت: قد أرابني من فلان أمر هو فيه، إذا ظننته من غير أن تستيقنه" (?).
والثاني: وقال آخرون (?) بأن: (راب) و (أراب) بمعنى واحد، وأنشدوا قول خالد بن زهير الهذلي (?):