القول الأول: أن المخاطب به النبي-صلى الله عليه وسلم-، أي ذلك الكتاب الذي ذكرته في

التوراة والإنجيل، هو الذي أنزلته عليك يا محمد.

والقول الثاني: أن المخاطب به اليهود والنصارى، وتقديره: أن ذلك الذي وعدتكم به هو هذا الكتاب، الذي أنزلته على محمد عليه وعلى آله السلام.

والثاني: يعني به ما نزل من القرآن قبل هذا بمكة والمدينة، وهذا قول الأصم.

والثالث: يعني هذا الكتاب، قاله الحسن (?) وابن عباس (?)، مجاهد (?)، وعكرمة (?)، والسدي (?)، وابن جريج (?)، وهكذا فسره سعيد بن جبير، ومقاتل بن حيان، وزيد بن أسلم (?).

وأصحّ الأقوال هو تفسير (ذلك الكتاب) بـ (هذا الكتاب)، وهو قول الطبري وعامة المفسرين، "لأن ذلك أظهرُ معاني قولهم الذي قالوه في (ذلك)، وقد وَجَّه معنى (ذلك) بعضُهم، إلى نظير معنى بيت خُفاف بن نُدبة السُّلميّ (?):

فَإن تَكُ خَيْلي قد أُصِيبَ صَمِيمُها ... فَعَمْدًا على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مَالِكَا

أقولُ له، والرُّمحُ يأطِرُ مَتْنَهُ: ... تأمَّل خُفافًا، إنني أنا ذلِكَا (?)

كأنه أراد: تأملني أنا ذلك. فزعم أنّ " ذلك الكتاب " بمعنى " هذا "، نظيرُه، أظهر خفافٌ من اسمه على وجه الخبر عن الغائب، وهو مخبر عن نفسه. فكذلك أظهر (ذلك) بمعنى الخبر عن الغائب، والمعنى فيه الإشارة إلى الحاضر المشاهَد" (?).

وفي البخاريّ: "وقال معمر ذلك الكتاب: هذا القرآن" (?)، قد ورد (هذا) بمعنى (ذلك) في الحديث الشريف، قال عليه السلام في حديث أُمِّ حَرَام: "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج البحر" (?).

قوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]، أي: "لاشكّ فيه، ولا ارتياب به" (?).

قال أبو الدرداء: "الريب- يعني الشك- من الكفر" (?).

قال الثعلبي: أي" لا شكّ فيه، إنّه من عند الله" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015