وعن بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام (?) إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله (?).
فإذا كانت كل نفس لا تدري مكان أجلها فهي ـ من باب أولى ـ لا تدري زمان أجلها ولا أجل غيرها.
القول العاشر: أنها أقسام أقسم الله بها:
قال بعض العلماء: إن االله أقسم بهذه الحروف لإظهار شرفها وفضلها، ممن قال ذلك ابن عباس (?)، وعكرمة (?) والأخفش (?) والزركشي (?).
قال الزركشي: "أن االله أقسم بهذه الحروف بأن هذا الكتاب الذي يقرؤه محمد هو الكتاب المنزل لا شك فيه، وذلك يدل على جلالة قدر هذه الحروف إذ كانت مادة البيان وما في كتب االله المنزلة باللغات المختلفة وهي أصول كلام الأمم بها يتعارفون، وقد أقسم االله تعالى بـ (الفجر، و (الطور) فكذلك شأن هذه الحروف في القسم بها" (?).
ومما استدل به بعضهم على هذا القول ما أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي االله عنهما انه قال في قوله تعالى: (كهيعص) و (طه) و (طسم) و (يس) و (ص) و (حم عسق) و (ق) ونحو ذلك قسم أقسمه االله تعالى وهي من أسماء الله عز وجل (?).
وهذ القول فيه نظر: إذ أن صيغة القسم معروفة وتأتي معتمدة على كلمات وحروف تفيد القسم نحو: اقسم أو الواو في (واالله) أو التاء وهكذا، أما أن تعد هذه الحروف قسماً فهذا ما لم يعهده العرب، ولم يجر على ألسنتهم، ويدل على بطلان هذا القول أيضاً أنه لا يوجد ما يعضده ويشهد لصحته في القرآن أو السنة الصحيحة، وما نقل عن ابن عباس فهو ضعيف (?)، قال القرطبي مبيناً فساد هذا القول: "لا يصح أن يكون قسماً لأن القسم معقود على حروف مثل: إن وقد ولقد وما، ولم يوجد ها هنا حرف من هذه الحروف فلا يجوز أن يكون يميناً" (?).
القول العادي عشر: أنها جاءت للدلالة على انقطاع كلام واستئناف كلام آخر: