قال أبو أيوب الأنصاري: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام، قال: وما دينه؟ قال: يصلي ويوحد الله. قال: استوهب منه دينه، فإن أبى فابتاعه منه، فطلب الرجل ذاك منه فأبى عليه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: وجدته شحيحا على دينه، قال: ونزلت: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} " (?).

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، أي: إن الله تعالى لا يغفر ولا يتجاوز عمَّن أشرك به أحدًا من مخلوقاته، أو كفر بأي نوع من أنواع الكفر الأكبر" (?).

قال مقاتل: " هذا وعيد {إن الله لا يغفر أن يشرك به}، فيموت عليه، يعني: اليهود" (?).

قال ابن عباس: " فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجاها أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة" (?).

قال جابر بن عبد الله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلا حلت له المغفرة إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه قال: إن الله استثنى، فقال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} " (?).

قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، أي: " ويتجاوز ويعفو عمَّا دون الشرك من الذنوب، لمن يشاء من عباده" (?).

قال مقاتل: أي: " لمن مات موحدا فمشيئته- تبارك وتعالى- لأهل التوحيد" (?).

قال عبدالله بن عمر: " كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله" (?).

وفي رواية أخرى عن ابن عمر: " كنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل المؤمن وآكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وشهادة الزور حتى نزلت هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأمسك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة" (?).

وأخرج ابن ابي حاتم عن عبدالله بن عمر، قال: " لما نزلت هذه الآية: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (?)، فقام رجل، فقال: والشرك يا نبي الله، فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} " (?).

قال جابر بن عبد الله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نفس تموت لا تشرك بالله شيئا إلا حلت لها المغفرة إن شاء الله عذبها، وإن شاء الله غفر لها، {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} " (?).

وعن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، الإشراك بالله، {ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} " (?).

قال السمعاني: " فإن قال قائل: قد قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وقال في موضع آخر: {إن الله يغفر الذنوب جميعا} فكيف وجه الجمع؟

قيل أراد به: يغفر الذنوب جميعا سوى الشرك" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015