والثالث: أخرج الطبري عن وابن زيد، ، قال: هؤلاء يهود. وقرأ: {وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، قال: يبخلون بما آتاهم الله من الرزق، ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب. إذا سئلوا عن الشيء وما أنزل الله كتموه. وقرأ: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [سورة النساء: 53] من بخلهم." (?).
قال الواحدي: " وأجمعوا على أن الآية نازلة في اليهود" (?).
والحق أن دعوى الإجماع غير مسلمة، إذ اختلف في نزولها-كما سبق بيانه- أما كونها أنها نزلت في اليهود، فهو قول الأكثرين.
قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء: 37]، "أي: الذين يمنعون ما أوجب الله عليهم من الإِنفاق في سبيل الله ويأمرون غيرهم بترك الإِنفاق" (?).
قال ابن عباس: " {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} يعني: أهل الكتاب، يقول: يكتمون" (?)، "قوله: {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}، يقول: ويأمرون الناس بالكتمان" (?).
وفي رواية عطاء عن ابن عباس: " ثم ذكر اليهود فقال: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}، يريد يبخلون بأموالهم عمن هو دونهم من المؤمنين في المال، وهو أكرم على الله منهم" (?).
قال الزجاج: " يعنى به إليهود. لأنهم يبخلون بعلم ما كان عندهم من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم –" (?).
وفي معنى "البخل" في الآية الكريمة وجوه من التفسير:
أحدها: أنه البخل في العلم وليس للدنيا منه شيء، إذ كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم، وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئا. وهذا قول سعيد بن جبير (?)، والحضرمي (?)، وقتادة (?)، ومجاهد (?)، والسدي (?)، ومقاتل بن سليمان (?).
الثاني: أن البخل في المال. وهذا معنى قول ابن عباس (?).
الثاني: ان البخل: أن يبخل الرجل بما في يديه. وهذا قول طاوس (?).
والثالث: إن البخيل الذي لا يؤدي حق الله من ماله. وهذا قول زيد بن أسلم (?).
والرابع: أن البخل: إذا منع الفضل. وهذا قول ابن عيينة (?).
والخامس: أن البخيل في الآية: الذي يبخل بما آتاه الله من الرزق، ويكتم ما آتاه الله من العلم، وهم اليهود. وهذا قول ابن زيد (?)، والحسن (?).
قال الواحدي: " ومعنى البُخل في كلام العرب منع الإحسان، وفي الشريعة منع الواجب" (?).
قال الماوردي: والبخل" أن يبخل بما في يديه، والشح أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له" (?).