والصواب أن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الإخوة السدس، لما هو أعلم به من مصلحة خلقه وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك. وليس ذلك مما كلَّفنا علمه، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا (?).
قال الطبري: " وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس، فقول لما عليه الأمة مخالف. وذلك أنه لا خلاف بين الجميع: أنْ لا ميراث لأخي ميت مع والده. فكفى إجماعهم على خلافه شاهدًا على فساده" (?).
قوله تعالى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]، أي: " بعد تنفيذ وصية الميت وقضاء ديونه" (?).
قال مقاتل: " يعني: إلى الثلث أو دين عليه فإنه يبدأ بالدين من ميراث الميت بعد الكفن ثم الوصية بعد ذلك ثم الميراث" (?).
قال ابن كثير: " أجمع العلماء سلفًا وخلفًا: أن الدَّيْن مقدم على الوصية، وذلك عند إمعان النظر يفهم من فَحْوَى الآية الكريمة" (?).
قال الماتريدي: " ذكر الله - تعالى - الوصية قبل الدين، وأجمع أهل العلم أن الدين يبدأ به قبل الوصية والميراث" (?).
وقد روى عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: " شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بالدين قبل الوصية، وأنتم تقرؤون: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، الإخوة للأب والأم، دون الإخوة للأم" (?).
وقرأ ابن عامر وابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر {يوصي بها} بفتح الصاد في الحرفين، وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي {يوصي بها} بكسر الصاد فيهما، وقال حفص عن عاصم الأولى بالكسر {يوصي بها} والثانية {يوصي بها} بفتح الصاد (?).
قوله تعالى {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11]، أي: " آباؤكم وأبْناؤكم الذين فُرِض لهم الإرث لا تعرفون أيهم أقرب لكم نفعًا في دنياكم وأخراكم، فلا تفضلوا واحدًا منهم على الآخر" (?).
عن السدي قوله: {لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا}، قال بعضهم: في نفع الآخرة، وقال بعضهم: في نفع الدنيا" (?).
قال ابن عباس: " يقول: أطوعكم لله من الآباء والأبناء، أرفعكم درجة يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض" (?).
قال مقاتل: " يعني: في الآخرة، فيكون معه في درجته، وذلك أن الرجل يكون عمله دون عمل ولده أو يكون عمله دون عمل والده، فيرفعه الله- عز وجل- في درجته لتقر أعينهم" (?).