والرابع: (الزراط)، قراءة حمزة برواية الأصمعي عن أبي عمرو.
والخامس: (السراط)، بالسين، قرأ بها ابن كثير برواية القواس، الكسائي، ابو عمرو، قنبل، ابن مجاهد، ويعقوب، رويس اللؤلوي، وابن محيصن.
و(السراط): "من الاتراط بمعنى الابتلاع، كأن الطريق يسترط من يسلكه (?).
والسادس: (صراطاً مستقيماً)، بالتنوين من غير لام التعريف، قرأ بها نصر بن علي عن الحسن.
قال الثعلبي: " وكلّها لغات فصيحة صحيحة، إلّا إن الاختيار: (الصاد)، لموافقة المصحف لأنها كتبت في جميع المصاحف بالصاد. ولأن آخرتها بالطاء لأنهما موافقتان في الاطباق والاستعلاء" (?).
قال الفراء: "اللغة الجيدة بالصاد، وهي لغة قريش الأول، وعامة العرب يجعلونها سينا، وبعض قيس يشمون الصاد، فيقول: (الصراط) بين الصاد والسين، وكان حمزة يقرأ (الزراط) بالزاي، وهي لغة لعذرة وكلب وبني القيْن" (?).
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: لجوء الإنسان إلى الله عزّ وجلّ بعد استعانته به على العبادة أن يهديه الصراط المستقيم؛ لأنه لا بد في العبادة من إخلاص؛ يدل عليه قوله تعالى: {إياك نعبد}؛ ومن استعانة يتقوى بها على العبادة؛ يدل عليه قوله تعالى: {وإياك نستعين}؛ ومن اتباع للشريعة؛ يدل عليه قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}؛ لأن {الصراط المستقيم} هو الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
2 - ومن فوائد الآية: بلاغة القرآن، حيث حذف حرف الجر من {اهدنا}؛ والفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية: التي هي هداية العلم، وهداية التوفيق؛ لأن الهداية تنقسم إلى قسمين: هداية علم، وإرشاد؛ وهداية توفيق، وعمل؛ فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله عزّ وجلّ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس} [البقرة: 185]؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين} [البقرة: 2] وهذه قد يحرمها بعض الناس، كما قال تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17]: {فهديناهم} أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا ..
3 - ومن فوائد الآية: أن الصراط ينقسم إلى قسمين: مستقيم، ومعوج؛ فما كان موافقاً للحق فهو مستقيم، كما قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} [الأنعام: 153]؛ وما كان مخالفاً له فهو معوج.
القرآن
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 7]
التفسير: