وفي تقديم العبادة على الاستعانة، في الآية أقوال (?):
أحدها: أنه على التقديم والتأخير.
والثاني: أن (الواو) لا تقتضي الترتيب.
قال الراغب: والوجه - في ذلك - أن الله تعالى علم خلقه بذلك أن يقدموا حقه ثم يسألوه ليمونوا مستحقين للإجابة" (?).
والثالث: أن قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: في موضع الحال، أجازه الراغب (?)، واستشهد بقول الشاعر (?):
بَأَيْدِيّ رِجَالٍ لَمْ يشُيِمُوا سُيُوفَهُمْ ... ولم يكْثُر الْقَتْلَى بِهَا حِينَ سُلَّتِ
فقوله: ولم يكثر القتلى بها، في موضع الحال.
والاستعانة لغة: مصدر استعان وهو من العون بمعنى المعاونة والمظاهرة على الشيء، يقال: فلان عوني أي معيني وقد أعنته، والاستعانة طلب العون، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، والعون: الظهير على الأمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنث فيه سواء. وقد حكي في تكسيره أعوان، والعرب تقول: إذا جاءت السنة جاء معها أعوانها، يعنون بالسنة: الجدب. وبالأعوان: الجراد والذئاب والأمراض، وتقول: أعنته إعانة واستعنته واستعنت به فأعانني وتعاونوا على واعتونوا: أعان بعضهم بعضا، وتعاونا: أعان بعضنا بعضا، والمعونة: الإعانة، ورجل معوان حسن المعونة، وكثير المعونة للناس وكل شيء أعانك فهو عون لك كالصوم عون على العبادة (?).
والاستعانة اصطلاحا: " طلب العون من الله والمخلوق يطلب منه من هذه الأمور ما يقدر عليه ". (?).
قال السعدي إن الاستعانة هي: " الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع، ودفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك " (?).