ها أنتم يا هؤلاء جادلتم رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فيما لكم به علم مِن أمر دينكم، مما تعتقدون صحته في كتبكم، فلِمَ تجادلون فيما ليس لكم به علم من أمر إبراهيم؟ والله يعلم الأمور على خفائها، وأنتم لا تعلمون.
قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [آل عمران: 66]، أي: ها انتم جادلتم وخاصمتم "بما كان في زمانكم وأدركتموه" (?).
قال الثعلبي: " يعني: في أمر محمد، لأنهم كانوا يعلمونه مما يجدون من نعته في كتابهم فحاجوا به بالباطل" (?).
قال الصابوني: "أي: ها أنتم يا معشر اليهود والنصارى جادلتم وخاصمتم في شأن عيسى وقد عشتم زمانه فزعمتم ما زعمتموه" (?).
قال قتادة: "يقول: فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم" (?). وروي عن أبي العالية (?) نحو ذلك.
قال السدي: " أما {الذي لهم به علم}، فما حرّم عليهم وما أمروا به" (?).
قال الحسن: " يعذر من حاج بعلم، ولا يعذر من حاج بالجهل" (?).
قال ابن كثير: " هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به، فإنَّ اليهود والنصارى تَحَاجوا في إبراهيم بلا علم، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علْم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم، وإنما تكلموا فيما لم يعلموا به، فأنكر الله عليهم ذلك، وأمرهم بردّ ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم الأمور على حقائقها وجلياتها" (?).
واختلفت القراءة في قوله: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} [آل عمران: 66]، فقرأه أهل المدينة بغير همز ولا مد إلا بقدر خروج الألف الساكنة، وقرأ أهل مكة مهموزا مقصورا على وزن "هعنتم"، وقرأ أهل الكوفة بالمد والهمز، وقرأ الباقون بالمد دون الهمز (?).
قوله تعالى: {فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [آل عمران: 66]، أي: "فلم تجادلون وتخاصمون في الذي لا علم لكم به من أمر إبراهيم ودينه" (?).
قال الثعلبي: أي: " من حديث إبراهيم فليس في كتابكم أنه كان يهوديا أو نصرانيا" (?).
قال البغوي: يقول: " وليس في كتابكم أنه كان يهوديا أو نصرانيا، وقيل حاججتم فيما لكم به علم يعني في أمر محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم وجدوا نعته في كتابهم، فجادلوا فيه بالباطل" (?).
قال قتادة: يعني: " فيما لم تشاهدوا ولم تروا ولم تعاينوا" (?). وروي عن أبي العالية (?) نحو ذلك
قال السدي: " وأما {الذي ليس لهم به علم}، فشأن إبراهيم" (?).
قال الحسن: " لا يعذر من حاج بالجهل" (?).