قوله تعالى: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، "أي: إِلا أن تخافوا منهم محذوراً أو تخافوا أذاهم وشرهم، فأظهروا موالاتهم باللسان دون للقلب" (?).
قال ابن عباس: " فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان فإن ذلك لا يضره إنما التقية باللسان" (?).
قال مجاهد: " يعني: إلا مصانعة في الدنيا " (?).
قال ابن كثير: "أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته" (?).
قال الثعلبي: " يعني: إلّا أن تخافوا منهم مخافة" (?)، "وأنكر قوم التقيّة اليوم: فقال معاذ بن جبل عن مجاهد: كانت التقيّة في جدة الإسلام قبل استحكام الدين وقوة المسلمين، فأمّا اليوم فقد أعزّ الله عزّ وجل الإسلام، فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتّقوا من عدوهم" (?).
وقال يحيى البكاء: "قلت لسعيد بن جبير في أيام الحجّاج: إنّ الحسن كان يقول لكم: التقيّة باللسان والقلب مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ. قال سعيد: ليس في الإسلام تقيّة إنّما التقيّة في أهل الحرب" (?).
ولأهل العلم في تفسير "التقية" في قوله تعالى: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، وجوها:
أحدها: أن التقية باللسان وليست بالعمل. قاله ابن عباس (?)، وعكرمة (?)، وأبو العالية (?)، وعطاء بن أبي رباح (?)، والضحاك (?) وجابر بن زيد (?).
والثاني: أن معناه: إلا أن يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك. قاله قتادة (?).
الثالث: أن المعنى: إلا مصانعة في الدنيا ومخالقة. وهذا قول مجاهد (?).
واختلفوا في قراءة قوله تعالى: {تُقَاةً} [آل عمران: 28]، على وجوه (?):
أحدها: {تقية}، على وزن "نقية"، قرأ بها أبو العالية عن الحسن، والضحاك وأبو رجاء وجابر بن زيد وحميد بن مجاهد.
والثاني: {تقية}، بالاحتجاج فكان الياء. قرأ بها حمزة والكسائي وخلف.
والثالث: {تُقاةً}، بالتضميم. قرأ بها الباقون وأختاره أبو عبيدة.
والرابع: {تقاءة}، مثل تكأة ويؤده ونحوها، وهي مصدر "أتقى". قرأ بها الأخفش.
قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]، أي: و"يخوفّكم الله عقابه الصادر منه تعالى" (?).
قال ابن كثير: " أي: يحذركم نقمته، أي مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه" (?).