والثالث: أنهم أهل الكتب كلها، والمراد بالكتاب الجنس من غير تخصيص، وهو قول بعض المتأخرين (?).
وفيما اختلفوا فيه ثلاثة أقاويل (?):
أحدها: في أديانهم بعد العلم بصحتها.
والثاني: في عيسى وما قالوه فيه من غلو وإسراف.
والثالث: في دين الإِسلام.
قوله تعالى: {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} [آل عمران: 19]، " أي: إِلا بعد أن علموا بالحجج النيرّة والآيات الباهرة حقيقة الأمر" (?).
قال أبو العالية: " إلا من بعد ما جاءهم الكتاب" (?).
قوله تعالى: {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 19]، " أي حسداً كائناً بينهم حملهم عليه حب الرئاسة" (?).
قال أبيّ بن كعب: " بغيا على الدنيا، وطلب ملكها وزخرفها وزينتها، أيهم يكون له الملك والمهابة في الناس، فبغى بعضهم على بعض، وضرب بعضهم رقاب بعضهم" (?).
قال أبو العالية: " بغيا على الدنيا، وطلب ملكها وسلطانها، فقتل بعضهم بعضا على الدنيا بعد ما كانوا علماء الناس" (?).
وروي عن سعيد بن جبير في قوله: {بغيا بينهم}، قال: "كثرت أموالهم، فتنازعوا فيها" (?).
قال ابن كثير: " أي: بغى بعضهم على بعض، فاختلفوا في الحق لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم، فحمل بعضهم بُغْض البَعْض الآخر على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله، وإن كانت حقا" (?).
قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19]، " أي: [و] من جحد بما أنزل الله في كتابه، فإن الله سيجازيه على ذلك، ويحاسبه على تكذيبه، ويعاقبه على مخالفته كتابه" (?).
قال ابن عطية: " توعد عز وجل الكفار" (?).
قال الصابوني: " أي من يكفر بآياته تعالى فإِنه سيصير إلى الله سريعاً فيجازيه على كفره" (?).
وفي قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19]، وجهان:
أحدهما: أنه يحتمل أن يراد بها سرعة مجيء القيامة والحساب إذ هي متيقنة الوقوع، فكل آت قريب. أفاده ابن عطية (?).
والثاني: أن المعنى: إحصاؤه عليهم، فيحتمل أن يراد بسرعة الحساب أن الله تعالى بإحاطته بكل شيء علما لا يحتاج إلى عد ولا فكرة، وهذا معنى قول مجاهد (?).
الفوائد:
1 - من فوائد الآية الكريمة: ان الدين الذي يعتد به ويكون مقبولا عند الله هو الاسلام، وكل دين يخالف الاسلام في اي زمان فليس بمقبول مرضي عند الله.