كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحُوَيْرِث قَبْلَهَا ... وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ

يعني بقوله: " كدأبك "، كشأنك وأمرك وفعلك" (?).

وفيمن أشار إليهم أنهم {كدأب آل فرعون} قولان (?):

أحدهما: أنهم مشركو قريش يوم بدر، كانوا في انتقام الله منهم لرسله والمؤمنين، كآل فرعون في انتقامه منهم لموسى وبني إسرائيل، فيكون هذا على القول الأول تذكيراً للرسول والمؤمنين بنعمة سبقت، لأن هذه الآية نزلت بعد بدر استدعاء لشكرهم عليها.

وعلى القول الثاني: وعداً بنعمة مستقبلة لأنها نزلت قبل قتل يهود بني قينقاع، فحقق وعده وجعله معجزاً لرسوله.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [آل عمران: 11]، أي والذين "من قبل آل فرعون من الأمم الكافرة" (?).

قال الصابوني: " أي من قبل آل فرعون من الأمم الكافرة كقوم هود وصالح وشعيب" (?).

قوله تعالى: {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [آل عمران: 11]، أي: " حين كذبوا بآياتنا" (?).

قوله تعالى: {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 11]، " أي عاقبهم وأهلكهم بسببها" (?).

قال الثعلبي: " فعاقبهم، بذنوبهم: نظيره قوله: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: 40] " (?).

قال النسفي: " بسبب ذنوبهم" (?).

قال السعدي: " عدلا منه لا ظلما" (?).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ} [آل عمران: 11]، " أي أليم العذاب شديد البطش" (?).

قال الطبري: " والله شديد عقابه لمن كفر به وكذّب رسله بعد قيام الحجة عليه" (?).

قال البيضاوي: "تهويل للمؤاخذة وزيادة تخويف الكفرة" (?).

الفوائد:

1 - فوائدها: أن الكفار المتأخرين كالكفار السابقين؛ لأن سنة الله تعالى بالخلق واحدة؛ لأنه عزوجل ليس بينه وبين الحلق نسب يراعيه ويحابي من يتصل به؛ فالناس عند الله تعالى سواء؛ أكرمهم عند الله أتقاهم؛ لقوله: {كدأب آل فرعون ... }.

2 - ومنها: أن فرعون وآله قد عذبوا في الدنيا كما سيعذبون في الآخرة؛ لقوله: {فأخذهم الله بذنوبهم}.

3 - ومن فوائدها: الرد على من زعم أن فرعون أسلم فنفعه إسلامه؛ لأن الله تعالى ذكر ذلك على وجه المؤاخذة والمعاقبة؛ ولو كان تائبا توبة تنفعه ما ذكر ذنبه بدون ذكر توبته؛ لأن الله تعالى عدل لا يذكر أحدا بذنب تاب منه إلا أن يبين توبته.

4 - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الآية لله وهي العلامات الدالة على الله عزوجل على وجوده وعلى ما تتضمنه هذه الآيات من صفاته؛ فمثلا نزول الرحمة نزول الغيب دليل على الرحمة، آية على رحمة الله على وجوده وعلى رحمته؛ نزول العقوبات دليل على وجود الله وعلى غضبه؛ وهكذا كل آية تدل على وجود الله سبحانه وتعالى وعلى ما تقتضيه تلك الآية من الصفات سواء كانت آية رحمة أو آية عذاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015