قال ابن القيم: "وفيه فرق أحسن من هذا وهو أن الاكتساب يستدعي التعمل والمحاولة والمعاناة فلم يجعل على العبد إلا ما كان من هذا القبيل الحاصل بسعيه ومعاناته وتعمله، وأما الكسب فيحصل بأدنى ملابسة، حتى بالهم بالحسنة ونحو ذلك" (?).

وقال الزمخشري: "فإن قلت لم خص الخير بالكسب، والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس، وهي منجذبة إليه، وأمَّارة به، كانت في تحصيله أعمل وأجد فجعلت لذلك مكتسبة فيه، ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال، أى لا تؤاخذنا بالنسيان أو الخطأ إن فرط منا" (?).

وقال ابن عطية: "والذي يظهر لي في هذا أن الحسنات هي مما تكتسب دون تكلف، إذ كاسبها على جادة أمر الله ورسم شرعه، والسيئات تكتسب ببناء المبالغة، إذ كاسبها يتكلف في أمرها خرق حجاب نهي الله تعالى، ويتخطاه إليها، فيحسن في الآية مجيء التصريفين احترازاً لهذا المعنى" (?).

وقال العكبري: "وقال آخرون: اكتسب: افتعل يدل على شدة الكلفة، وفعل السيئة شديد لما يؤول إليه" (?).

قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} [البقرة: 286]، أي: "لا تعذبنا يا ألله بما يصدر عنا بسبب النسيان" (?).

قال ابن زيد: " إن نسينا شيئا مما افترضته علينا" (?).

قال الواحدي: أي " لا تعاقبنا إن تركنا شيئا من اللازم لنا" (?).

قال ابن كثير: " أي: إن تركنا فرضًا على جهة النسيان، أو فعلنا حرامًا كذلك" (?).

قال القرطبي: " يعني: إن جهلنا" (?).

قال الثعلبي: " قال أهل المعاني: وإنّما خرج على لفظ المفاعلة وهو فعل واحد لأنّ المسيء قد أمكر وطرق السبيل إليها وكأنّه أعان عليه من يعاقبه بذنبه ويأخذه به فشاركه في أخذه" (?).

وروي عن قتادة في قوله: " {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل تجاوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها" (?).

وقال الحسنفي قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا}: "معناه: قولوا: {ربنا}، على التعليم للدعاء" (?). وقيل: "أي: يقولون: {رَبَّنَا}. على الخبر" (?).

وقوله تعالى: {إِنْ نَسِينَا} [البقرة: 286]، فيه تأويلان (?):

أحدهما: يعني إن تناسينا أمرك. قاله الكلبي (?)، وذلك على مَا جاءَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» (?) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015