والثامن: العالمون: أهل الجنة وأهل النار. حكاه الثعلبي عن جعفر الصادق (?).
قال الشنقيطي: " لم يبين هنا ما (العالمون)، وبين ذلك في موضع آخر بقوله: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا} [الشعراء: 23 - 24] " (?).
والظاهر أن {العالَمين}: جمع عالم، وهو كل موجود سوى الله جل وعلا، و (العالَم) جمع لا واحدَ له من لفظه، و (العوالم) أصناف المخلوقات في السموات والأرض في البر والبحر، فالإنس عالَم، والجن عالَم، والملائكة عالَم (?). والله أعلم.
واختلفوا في اشتقاقه على وجهين (?):
أحدهما: أنه مشتق من العلم، وهذا تأويل مَنْ جعل العالم اسماً لما يعقل.
والثاني: أنه مشتق من العلامة، لأنه دلالة على خالقه، وهذا تأويل مَنْ جعل العالم اسماً لكُلِّ مخلوقٍ.
قال الخليل: "العلم والعلامة والمعلم: ما دل على الشيء، فالعالم دال على أن له خالقا ومدبرا" (?)، وقد ذكر أن رجلا قال بين يدي الجنيد (?): الحمد لله فقال له: أتمها كما قال الله قل رب العالمين فقال الرجل: ومن العالمين حتى تذكر مع الحق؟ قال: قل يا أخي؟ فإن المحدث إذا قرن مع القديم لا يبقى له أثر (?).
واختلفوا في مبلغ (العالمين) وكيفيتهم، فقال: أبو العالية: "الجن عالم والإنس عالم، وسوى ذلك للأرض أربع زوابا في كل زاوية ألف وخمس مئة عالم، خلقهم لعبادته" (?).
وهذه الأخبار ليست دقيقة، قال ابن كثير بعد أن أورد قول أبي العالية: " وهذا كلام غريب يحتاج مثله إلى دليل صحيح" (?). وهذا حق.
وقال كعب الأحبار: "لا يحصي عدد العالمين إلّا الله، قال الله: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المثر: 31] " (?).
قال أبو حيان: "ونقل عن المتقدمين أعداد مختلفة في العالمين وفي مقارها، الله أعلم بالصحيح" (?).
وفي قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2]، ثلاثة قراءات (?):