ومنه قول الشاعر (?):
يَرُبُّ الذِّي يَأْتِي مِنَ الخَيْرِ أَنَّهُ ... إذَا فَعَلَ المَعْرُوفَ زَادَ وَتَمَّمَا
فالمعنى: على هذا أنه يربي الخلق ويغذوهم بما ينعم عليهم (?).
فالرب هو الكفيل والرقيب، والمتكفل بالتعهد وإصلاح الحال، ومنه قوله عز وجل على لسان إبراهيم عليه السلام: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77]، وقوله عز وجل: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9] (?)، قال ابن كثير: " أي: هو الذي جعل المشرق مشرقاً، تطلع منه الكواكب، والمغرب مغربا تغرب فيه الكواكب، ثوابتها وسياراتها، مع هذا النظام الذي سخرها فيه وقدرها" (?). ونظيره قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9]، أي: هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب لا إله إلا هو.
والرابع: أن الرب: المدَبِّر، ومنه قول الله عزَّ وجلَّ: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ} وهم العلماء، سموا ربَّانيِّين، لقيامهم بتدبير الناس بعلمهم، وقيل: ربَّهُ البيت، لأنها تدبره.
والخامس: الرب مشتق من التربية، ومنه قوله تعالى: {وَرَبَآئِبُكُمُ اللاَّتِي في حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] فسمي ولد الزوجة ربيبة، لتربية الزوج لها، ومنه قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] (?)، ومنه قول الشاعر (?):
فَإِنْ كُنْتِ مِنِّي أَوْ تُرِيدِين صُحْبَتِي ... فَكُونِي لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّتْ لَهُ الأَدَم
قال الطبري: " فربّنا جلّ ثناؤه: السيد الذي لا شِبْه لهُ، ولا مثل في سُؤدده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر" (?).