"إن من الصدقة أن تعين صانعًا أو تصنع لأخْرَق" (?)، وفي الحديث الآخر: "من كتم علمًا يَعْلَمه ألْجِمَ يوم القيامة بلجام من نار" (?) " (?).

و(الكاف) في قوله تعالى: {كَمَا} [البقرة: 282]، تحتمل وجهين (?):

أحدهما: أن تكون للتشبيه؛ فالمعنى حينئذ: أن يكتب كتابة حسب علمه بحيث تكون مستوفية لما ينبغي أن تكون عليه.

والثاني: أن تكون الكاف للتعليل؛ فالمعنى: أنه لما علمه الله فليشكر نعمته عليه، ولا يمتنع من الكتابة.

وقد اختلف أهل العلم في وجوب الكتاب على الكاتب إذا استكتب ذلك، وذكروا وجوها (?):

أحدها: أنه فرض على الكفاية كالجهاد، قاله مجاهد (?)، وعطاء (?)، وعامر (?)، والربيع (?).

والثاني: أنه واجب عليه في حال فراغه، قاله السدي (?)، والشعبي (?)، وعطاء (?)، ومقاتل (?).

والثالث: أنه ندب، قاله مجاهد (?).

والرابع: أن ذلك منسوخ بقوله تعالى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ}، قاله الضحاك (?)، والربيع (?)،

قال الطبري: " ولا دلالة تدل على أن أمره جل ثناؤه باكتتاب الكتب في ذلك، وأن تقدمه إلى الكاتب أن لا يأبى كتابة ذلك، ندب وإرشاد، فذلك فرض عليهم لا يسعهم تضييعه، ومن ضيعه منهم كان حرجا بتضييعه" (?).

وقال ابن عطية: وأما إذا أمكن الكتاب فليس يجب الكتب على معين، ولا وجوب الندب، بل له الامتناع إلا إن استأجره، وأما إذا عدم الكاتب فيتوجه وجوب الندب حينئذ على الحاضر، وأما الكتب في الجملة فندب كقوله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ [الحج: 77] وهو من باب عون الضائع" (?).

وقال الرازي: "نرى جمهور المسلمين في جميع ديار الإسلام يبيعون بالأثمان المؤجلة من غير كتابة ولا إشهاد، وذلك إجماع على عدم وجوبهما، ولأن في إيجابهما أعظم التشديد على المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بعثت بالحنيفية السهلة السمحة» (?) " (?).

قوله تعالى: {فَلْيَكْتُبْ} [البقرة: 282]، " أي: تلك الكتابة المعلمة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015