تتمة:
في هذه الآية وجوب الإنظار إلى ميسرة؛ ومن المعلوم أن حصول الميسرة مجهول؛ وهذا لا يضر؛ لأنه ليس من باب المعاوضة؛ ولكن لو اشترى فقير من شخص، وجعل الوفاء مقيداً بالميسرة فهل يجوز ذلك؟ فيه قولان؛ فأكثر العلماء على عدم الجواز لأن الأجل مجهول؛ فيكون من باب الغرر المنهي عنه؛ والقول الثاني: أن ذلك جائز لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي (ص): «قدم لفلان اليهودي بزّ من الشأم لو أرسلت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة؛ فأرسل إليه فامتنع» (?)؛ ولأن هذا مقتضى العقد إذا علم البائع بإعسار المشتري؛ إذ لا يحلّ له حينئذٍ أن يطلب منه الثمن حتى يوسر؛ وهذا القول هو الراجح.
القرآن
{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]
التفسير:
واحذروا -أيها الناس- يومًا ترجعون فيه إلى الله، وهو يوم القيامة، حيث تعرضون على الله ليحاسبكم، فيجازي كل واحد منكم بما عمل من خير أو شر دون أن يناله ظلم. وفي الآية إشارة إلى أن اجتناب ما حرم الله من المكاسب الربوية، تكميل للإيمان وحقوقه من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وعمل الصالحات.
قال ابن عاشور: " جيء بقوله: واتقوا يوما تذييلا لهاته الأحكام لأنه صالح للترهيب من ارتكاب ما نهي عنه والترغيب في فعل ما أمر به أو ندب إليه، لأن في ترك المنهيات سلامة من آثامها، وفي فعل المطلوبات استكثارا من ثوابها، والكل يرجع إلى اتقاء ذلك اليوم الذي تطلب فيه السلامة وكثرة أسباب النجاح" (?).
قوله تعالى: : {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، " أي احذروا يوماً سترجعون فيه إِلى ربكم" (?).
قال الواحدي: أي: " تأهبوا للقاء هذا اليوم بما تقدمون من العمل الصالح" (?).
وقوله تعالى {يَوْماً}: هو يوم القيامة، وتنكيره للتهويل (?)، " كما أن تعليق الاتقاء به للمبالغة في التحذير عما فيه من الشدائد التي تجعل الولدان شيبا" (?).
وفي قوله: {إِلَى اللَّهِ} مضاف محذوف، تقديره: إلى حكم الله وفصل قضائه (?).
واختلف أهل التفسير في تحديد هذا (اليوم) المحذر منه، على قولين (?):
الأول: قال جمهور العلماء على أن هذا اليوم المحذر منه هو يوم القيامة والحساب والتوفية.
والثاني: وقال قوم: هو يوم الموت.
قال ابن عطية: "والأول أصح بحكم الألفاظ في الآية" (?).
وقوله تعالى: {يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، فيه وجهان (?):