أحدها: أنه مشتق من المالك، كما يقال رب الدار أي مالكها، ومنه قول صفوان بن أمية (?): " لأن يَرُبَّنِي رجل من قريش أحب إِلي من أن يَرُبَّنِي رجل من هوازن، يعني: أن يكون ربًا فوقي، وسيدًا يملكني" (?).
ومن ملك شيئا فهو ربّه، يقال: هو ربّ الدار وربّ الضيعة (?)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لرجل: "أَرَبُّ إِبلٍ أنت أم رَبُّ غنم؟ " (?)، وقال النابغة (?):
فَإِنْ تَكُ رَبَّ أَذْوَادٍ بِحُزْوى ... أَصَابُوا مِنْ لِقَاحِكَ مَا أَصَابُوا
فـ (الرب) (?): بمعنى المالك للشيء، والأمثلة عليه كثيرة، نذكر منها قوله عز وجل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، فهو سبحانه مالك كل شيء، ونحو هذا قوله عز وجل: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [المؤمنون: 86]، أي: إنه سبحانه هو مالك السماوات السبع والعرش العظيم وسيدهما، فلا مالك لهما سواه، ولا سيد لهما غيره. ونحوه قوله تعالى: {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164]، قال القرطبي: أي: "مالكه" (?).
والثاني: أنه مشتق من السيد، لأن السيد يسمى ربّاً، قال تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} [يوسف: 41] يعني سيده، وقوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]. ومنه لَبِيد بن ربيعة (?):
وأَهْلكْنَ يومًا ربَّ كِنْدَة وابنَه ... ورَبَّ مَعدٍّ، بين خَبْتٍ وعَرْعَرِ
يعني بربِّ كندة: سيِّد كندة. ومنه قول نابغة بني ذُبيان (?):
تَخُبُّ إلى النُّعْمَانِ حَتَّى تَنالَهُ ... فِدًى لكَ من رَبٍّ طَرِيفِي وَتَالِدِي