وذلك استشهاداً بقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18]، يعني إذا بيناه فاعمل به (?).
وعلى هذا القول فإن: "القرآن مأخوذ من (قرأ) بمعنى: تلا، وهو مصدر مرادف للقراءة، وقد ورد بهذا المعنى في قوله تعالى: [إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ] {القيامة: 17 - 18}، أي: قراءته، ومنه قول حسان بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- في رثاء عثمان بن عفان-رضي الله تعالى عنه- (?):
ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ (?) عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ ... يَقْطَعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنَا (?)
أي: قراءة" (?).
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يسمى "قرآنًا" بمعنى القراءة، وإنما هو مقروء؟
قيل: كما جاز أن يسمى المكتوب: كتابًا، بمعنى: كتاب الكاتب (?)، كما قال الشاعر في صفة كتاب طَلاقٍ كتبه لامرأته (?):
تُؤَمِّل رَجْعةً مِنّى، وفيها ... كِتابٌ مثلَ ما لَصِق الغِرَاء
القول الثالث: أن "لفظ القرآن ليس مشتقاً، ولا مهموزاً، وأنه قد ارتجل وجعل عَلَمَاً للكتاب المنزل، كما أطلق اسم التوراة على كتاب موسى، والإنجيل على كتاب عيسى صلى الله عليهما وسلم". وها قول الإمام الشافعي-رحمه الله- (?).
والقول الراجح هو أن القرآن مأخوذ من (قرأ) بمعنى: تلا، وهو مصدر مرادف للقراءة يدل على ذلك الآية السابقة: : [إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ] {القيامة: 17 - 18} أي قراءته - وقوله: [وَقُرْآَنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا] {الإسراء: 78}، أي: قراءة الفجر (?). والله أعلم.
إن القرآن الكريم مصدر العلوم وأصل الحقائق الثابتة ومرجع العلماء يرجع إليه الفقهاء والأصوليون لمعرفة الأحكام الشرعية إجمالاً وتفصيلاً ويرجع إليه علماء اللغة لإظهار إعجازه