قال السعدي: غفور "لمن صدرت منه الذنوب، فتاب منها، ورجع إلى ربه، {حَلِيمٌ} حيث لم يعاجل العاصين على معاصيهم، مع قدرته عليهم" (?).

قال ابن كثير: " ثم لم يُؤْيِسْهُم من رحمته، ولم يُقْنطهم من عائدته، فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} " (?).

قال المراغي: " أي واعلموا أن الإنسان إذا تعدى حدود الله وأراد الرجوع إليه بالتوبة يغفر له، وهو الحليم الذي لا يعجل بالعقوبة، بل يمهل عباده ليصلحوا بصالح أعمالهم ما أفسدوا بما سبق من زلّاتهم، فعليكم أن تجتنبوا أسباب العقوبة، وتعملوا بما أمرتم به، وتغتنموا زمان الحياة القصيرة حتى لا تأسوا على ما فاتكم" (?).

والـ {غفور} مأخوذ من: الـ (غَفْر) وهو الستر مع الوقاية؛ والمراد به ستر الذنب مع التجاوز عنه؛ والـ (حليم) هو الذي يؤخر العقوبة عن مستحقها" (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: جواز التعريض في خطبة المتوفى عنها زوجها؛ لقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء}.

2 - ومنها: تحريم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة؛ لقوله تعالى: {فيما عرضتم به} فنفي الجناح عن التعريض - وهو دون التصريح - يدل على تحريم التصريح؛ ويؤيده قوله تعالى: {ولكن لا تواعدهن سراً}.

تكميلاً لهذه الفائدة نقول: إن خطبة المعتدة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: تحرم تصريحاً وتعريضاً؛ وتباح تصريحاً وتعريضاً؛ وتحرم تصريحاً لا تعريضاً؛ فالأول: في الرجعية لغير زوجها؛ فيحرم على الإنسان أن يخطب الرجعية لا تصريحاً، ولا تعريضاً؛ والرجعية هي المعتدة التي يجوز لزوجها أن يراجعها بغير عقد؛ لأنها زوجة، كما قال تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] إلى أن قال: {وبعولتهن أحق بردهن} [البقرة: 228]؛ والتي تحل تصريحاً وتعريضاً هي البائن من زوجها بغير الثلاث، كالمطلقة على عوض، والمختلعة، والفاسخة لنكاحها بسبب، وما أشبه ذلك؛ فيجوز لزوجها أن يخطبها تعريضاً، وتصريحاً، وأن يتزوجها؛ والتي تباح تعريضاً لا تصريحاً كل مبانة لغير زوجها؛ فيجوز لغير زوجها أن يعرض بخطبتها بدون تصريح، كالمتوفى عنها زوجها تجوز خطبتها تعريضاً لا تصريحاً.

3 - ومن فوائد الآية: جواز إضمار الإنسان في نفسه خطبة امرأة لا يجوز له التصريح بخطبتها؛ لقوله تعالى: {أو أكننتم في أنفسكم}.

4 - ومنها: جواز ذكر الإنسان المرأة المعتدة في نفسه، ولغيره؛ لقوله تعالى: {علم الله أنكم ستذكرونهن}؛ فلو قال شخص: «إنني أريد أن أتزوج امرأة فلان المتوفى عنها زوجها» يحدث غيره: فلا بأس به.

5 - ومنها: أنه لا يجوز للإنسان أن يواعد المعتدة من الوفاة بالنكاح، فيقول: «إذا انتهت عدتك فإنني سأتزوجك»؛ لقوله تعالى: {ولكن لا تواعدهن سراً}.

6 - ومنها: أن التعريض بخطبة المتوفى عنها زوجها من القول المعروف غير المنكر؛ لقوله تعالى: {إلا أن تقولوا قولاً معروفاً}.

7 - ومنها: تحريم عقد النكاح في أثناء العدة إلا من زوجها؛ لقوله تعالى: {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015