2 - ومنها: أن الله عزّ وجلّ أرحم بخلقه من الوالدة بولدها؛ لأنه أمرها أن ترضع مع أن فطرتها، وما جبلت عليه تستلزم الإرضاع؛ وهذا؛ لأن رحمة الله أعظم من رحمة الأم بولدها؛ ومثله قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: 11]؛ فلأن الله أرحم بأولادنا منا أوصانا فيهم.

3 - ومنها: أن الرضاع التام يكون حولين كاملين؛ لقوله تعالى: {حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة

4 - ومنها: توكيد اللفظ لينتفي احتمال النقص؛ لقوله تعالى: {كاملين}؛ ومثله قوله تعالى: {فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} [البقرة: 196]: فأكدها بـ {كاملة}؛ لئلا يتوهم واهم في تلك العشرة الكاملة أن تفريق الثلاثة والسبعة يقتضي أن يكون كل عدد منفرداً عن الآخر.

5 - ومنها: أنه ينبغي استعطاف المخاطب بما يقتضي عطفه على الشيء؛ لقوله تعالى: {يرضعن أولادهن حيث أضاف الأولاد إلى المرضعات.

6 - ومنها: أنه يجوز النقص عن الحولين؛ لكن ذلك بالتشاور، والتراضي؛ لقوله تعالى: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}؛ لكن يجب أن نعلم أن الإتمام تارة يكون واجباً إذا ترتب على تركه إخلال بواجب، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» (?)؛ وتارة يكون من باب الكمال، كما في هذه الآية: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}؛ لأن الله تعالى قال: {فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما ... } إلخ؛ ولو كان الإتمام إتمام واجب لم يكن فيه خيار؛ فإن قيل: هل تجوز الزيادة على الحولين؟

فالجواب: أنه ينظر في حال الطفل إن بقي محتاجاً إلى اللبن زيد بقدره؛ وإن لم يكن محتاجاً فقد انتهت مدة رضاعته؛ وقوله تعالى: {الرضاعة} هي اسم مصدر بمعنى الإرضاع الذي يحتاجه الطفل.

7 - ومن فوائد الآية: الرد على الجبرية في قوله تعالى: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}؛ والجبرية يسلبون الإنسان إرادته، وقدرته، واختياره، ويقولون: «الإنسان ليس له إرادة، ولا قدرة؛ إنما هو مجبر على عمله»؛ فلا يرون فرقاً بين الذي يتحرك ارتعاشاً، والذي يتحرك اختياراً.

8 - ومنها: أن الولد هبة للوالد؛ لقوله تعالى: {وعلى المولود له}؛ فبعض العلماء استنبط أن هذه الآية تدل على أن الوالد موهوب له؛ وعلى كل حال هذا شبيه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت ومالك لأبيك» (?).

9 - ومنها: أنه قد يكون للشيء الواحد سببان؛ فالرزق، والكسوة هنا لهما سببان، كفقير غارم؛ وإذا تخلف أحد السببين بقي حكم السبب الآخر؛ فلو فرض أن امرأة ناشز لا تطيع زوجها فيما يجب عليها، وهي ترضع ولده كان لها الرزق، والكسوة لا بالزوجية - لأنها ناشز - ولكن بالرضاعة.

فإن قيل: إذا كان سبب الرزق، والكسوة الزوجية أصبح الرضاع عديم التأثير.

قلنا: لا؛ لأننا إذا قلنا: إن تخلف الإنفاق بالزوجية، وجب بالرضاع - هذه واحدة؛ ثانياً: أنه ربما يترتب لها من الطعام والكسوة إذا كانت ترضع ما لا يترتب لو كانت لا ترضع؛ فالمرضع ربما تحتاج إلى غسل ثيابها دائماً من الرضاعة، وتحتاج إلى زيادة طعام، وشراب.

10 - ومن فوائد الآية: اعتبار العرف بين الناس؛ لقوله تعالى: {بالمعروف}؛ وهذا ما لم يخالف الشرع؛ فإن خالفه رد إلى الشرع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015